Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/12/2008 G Issue 13225
السبت 15 ذو الحجة 1429   العدد  13225
أكذوبة بوش!
د. سعد بن عبد القادر القويعي

تؤكد الباحثة الفرنسية (صوفي بسيس)، في كتابها المثير (الغرب والآخر: تاريخ سيطرة): (أنه لا يمكن فصل الهوية الغربية عن ثقافة الاستعلاء).

ثقافة الاستعلاء هذه هي التي عبَّر عنها الرئيس (جورج بوش) قبل أيام، حينما قدَّم اعتذاره للشعب الأمريكي، وليس للشعب العراقي وما لحقه من مآسٍ وجرائم استعمارية.

وارتفع صوته مرة أخرى قائلاً: إن المعلومات الاستخباراتية التي استند إليها في غزو العراق، والبالغ عددها (935) معلومة كانت كاذبة، وذلك حسب دراسة (تشارلز لويس ومارك ريدنغ سميث).

وذكر (بوش) بأن اعتماد المعلومات الاستخباراتية الخاطئة بشأن العراق لم يقتصر عليه، فقد اعتمدها أيضاً كثيرون من أعضاء الكونغرس الأمريكي قبل انتخابه أثناء النقاش حول هذا البلد، وكثيرون من قادة دول العالم.

بل أكدت المخابرات الأمريكية لبوش قبل الحرب.. أن أسلحة الدمار الشامل غير موجودة، قبل أكثر من عامين. واعترف المسؤول السابق بالمخابرات الأمريكية المركزية (تايلر دراملر).. أن الوكالة أبلغت بوش قبل الحرب، أن العراق لا يملك أسلحة دمار شامل. إلا أن البيت الأبيض، قال: إن هذه المعلومات لا تعنيهم، وأن قرار غزو العراق قد اتخذ.

بوش الذي قال - يوماً ما - أمام البرلمان الألماني: (إذا انتظرنا إلى أن يتحقق التهديد فسننتظر طويلاً).

وكان وقتها يستعجل إطلاق ما أسماه بإستراتيجية الضربات الوقائية، وهي: إستراتيجية جديدة حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تتبناها لتحقق بها مزيداً من التوسع والهيمنة في العالم، ومن ذلك: المشروع الأمريكي الذي أعلن عنه - وزير الخارجية الأمريكي السابق - (كولن باول)، وأسماه: (مبادرة من أجل شراكة أمريكية شرق أوسطية في التنمية والديمقراطية). ولتتطلع للسيطرة التامة على مقدرات المنطقة وثرواتها، لأن الحرب على العراق لم تكن إلا حلقة من مسلسل (سايكس سبايكو) الطويل، لتغيير خريطة المنطقة بما يتوافق مع قيام دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات، حتى قدوم المسيح - في زعمهم - في آخر الزمان.

وهي العقيدة التي يؤمن بها 70% من الشعب الأمريكي، وفق الرؤية التوراتية.

هذه الخلفية الدينية لا تقف وحدها وراء النية الغربية الشريرة ضد العراق، لأن هناك دوافع أخرى عديدة: سياسية واقتصادية وحضارية تغذيها الدوافع الدينية المزعومة.

ولأننا نعلم تماماً كذب اعتذار الرئيس الأمريكي (جورج بوش)، فهو لم يشأ الإجابة عندما سئل: إن كان سيخوض الحرب لو جاء في المعلومات الاستخباراتية أن العراق لا يمتلك هذه الأسلحة؟.

واكتفى بالقول: (هذا سؤال شيق. هذا أمر قد انتهى، وليس لي صلة فيه). بل إن هذا الكذب جزء لا يتجزأ من الأكاذيب السياسية الأمريكية، فهم من أقدر الناس على تزييف الوقائع والأحداث لصالحهم، لأنهم يعتبرون الحرب على العراق هدفاً رئيساً في فرض الهيمنة الأمريكية والغربية على الشرق الأوسط. وضرب قوة العراق التي تشكل خطراً على إسرائيل، فهي دولة تشكل محوراً مهماً للعالمين العربي والإسلامي. وحتى تكون المنطقة ساحة حرب جرثومية يعاني منها شعوب المنطقة سنوات طويلة.

أحسب أن العالم يحتاج إلى قيادة رشيدة بدلاً من تلك القيادة الرعناء، التي مارست الظلم على المسلمين، وسعت في الأرض فساداً فأهلكت الحرث والنسل، والله لا يحب المفسدين.

وأبرزت عوار قيم الحضارة الأمريكية والغربية بكل ما تمثله من استعلاء وصلف وغرور، فشكلت وصمة عار ليس على الحضارة الأمريكية والغربية، وإنما على الإنسانية جمعاء. وهي سائرة في طريق الفشل بلا شك، ومنحدرة إلى الهزيمة والخيبة. وسيفشل المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد، الذي ملأ جلادوه الدنيا ضجيجاً عن النظام الديمقراطي من أجل الاستقرار والازدهار وسعادة وحرية الشعوب.



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد