Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/12/2008 G Issue 13222
الاربعاء 12 ذو الحجة 1429   العدد  13222
البِرُّ الغائب
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

إنّ من أوجب الواجبات على المسلم بِرّ والديه، ووصلهما والإحسان إليهما، ولا أدلّ على عِظَم هذا الأمر وأهميته من أنّ الله عزّ وجل، قرن طاعته وعدم الإشراك به ببرّ الوالدين، قال تعالى في سورة النساء:

{وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تشْرِكوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْن إِحْسَاناً}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور).

وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، أيّ العمل أفضل؟ قال: الصلاة على ميقاتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم برّ الوالدين، قلت ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله).

فوجوب برّ الوالدين ليس بخافٍ على أحد، وقد أفاض فيه الكثير من الشيوخ وطلبة العلم والخطباء كتابةً وخطابة، ولكن ألم يغب عن بال الكثير منا بِر له علاقة بالوالدين، ويُعد من برِّهما بطريق غير مباشر، وبرأيي أنه لم ينل حقه من قِبل الخطباء والكُتَّاب، فما هو هذا البِرّ الغائب؟

هذا الحديث سيجيب على هذا السؤال إجابةً كافية شافية: عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروَّح عليه إذا ملّ ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه فبينا هو يوماً على ذلك الحمار إذ مرّ به أعرابي، فقال: ألست ابن فلان ابن فلان ؟ قال بلى . فأعطاه الحمار، فقال: اركب هذا، وأعطاه العمامة وقال : اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه : غفر الله لك! أعطيت هذا الأعرابي حماراً كنت تروّح عليه، وعمامة كنت تشدّ بها رأسك ؟ فقال؟: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنّ من أبرّ البرِّ أن يصل الرجل أهل ودّ أبيه بعد أن يولي) وإنّ أباه كان صديقاً لعمر رضي الله عنه.

فقد أكرمه لأنّ أباه كان صديقاً لعمر رضي الله عنه، فماذا سيفعل لو أنه قابل صديق عمر نفسه؟؟

كما أنّ هناك أحاديث عديدة تحث على هذا البر الذي نكاد نفقده في هذا الزمان منها: ما رواه أبو أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً, فجاءه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله .. هل بقي من برِّ والديَّ بعد موتهما شيء أبرّهما به؟ قال: نعم , الصلاة عليهما, والاستغفار لهما, وإنفاذ عهدهما من بعدهما, وإكرام صديقهما, وصلة الرحم التي لا رحم لك إلاّ من قبلهما, فهذا الذي بقي عليك) أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.

وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يهدي لصديقات أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بِرّاً بها ووفاءً لها, وهي زوجته, فما ظننا بالوالدين؟

من هذه الأحاديث الشريفة يتبيّن لنا سعة رحمة الله بنا، وأنه جعل باب الإحسان للوالدين واسعاً ، فإكرامنا وبرُّنا بأصدقاء والدينا برٌ بهم وإحسانٌ لهم.

فلنصل أصدقاء وأحباب والدينا، ولنتعاهدهم ونكرمهم وبالأخص الفقير منهم والمحتاج، فأجر ذلك لنا ولوالدينا إن شاء الله تعالى.

* إشارة :

قيل : صديق الوالد عمّ الولد.



Al-boraidi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد