Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/12/2008 G Issue 13222
الاربعاء 12 ذو الحجة 1429   العدد  13222
إن الله لا يحب كل مختال فخور
إبراهيم معتوق عساس

يحصل أن يُمتدح إنسان في مجلس أو يقوم كاتب بكتابة مقال صحفي يثني فيه على أخلاق مسؤول لما وجده فيه من تواضع وحسن خلق وتعامل حسن مع الناس يعكس مدى حسن اختيار ذلك المسؤول في موقعه ويكون الهدف من المديح إنصاف الممدوح والدعوة إلى أن يكون هو وأمثاله قدوة لمن معه من الموظفين، ولكن بعض أصحاب النفوس المريضة قد يفسرون ذلك المدح بأنه قدح لهم أو لأجل التقرب من الممدوح وقد يجد ذلك الشخص الذي يعتبر نفسه مقدوحاً من يغذي في نفسه تلك المشاعر ويأخذ في تفسير ما قيل وكتب وأنه يقصده شخصياً بالدم وكان الواجب عليه عندما يأتي من يفسر له مدح إنسان بأنه قدح له أن يوبخ من نقل إليه ذلك التفسير إن كان يرى أن مدح غيره لا يعني الانتقاص منه، أما إن كان من الذين يحسبون كل صيحةٍ عليهم فإن عليه أن يتهم نفسه ويراجع أعماله فإن وجد أنه لا يظلم ولا يتكبر ولا يستغل وظيفته في أمور خاصة وأنه لا يستغل ما بين يديه من أموال وسلطة في أمور لا تتعلق بعمله، كما أن عليه أن يدقق فيمن نقل إليه ذلك التفسير وهل هو إنسان صادق صالح ثقة أم شخص طارق من الذين استعاذ من أمثالهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (اللهم إني أعوذ بك من طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير). والهماز النمام هو طارق شرٍ لا شك في ذلك، ولو أنه سأل نفسه عن قائل المديح وكاتبه فوجده رجلاً صريحاً محباً للخير لا يتلون ولا يتملق فإنه في هذه الحالة يعتبر أن ذلك المدح في محله وأنه هو نفسه يستحق مثله وأكثر ويرجو في هذه الحالة ما عند الله تعالى لا ما عند الناس، أما إن كان العكس وأخذ بما سمع من طارق الشر من همز ونميمة مع أن الإنسان الحصيفة لا بد أن يدرك أن من نقل إليه لا بد أن ينقل عنه وربما يتحدث باسمه ويصوره أمام الناس تصويراً مخلاً بالأمانة والشرف عبر إدعاء بأن له علاقات خاصة معه وأن الحلويات لا تفارق مجلسه من مكسرات حلبية ولبنانية ومعها بعض الحلويات المحلية، وفي جميع الأحوال فإن الهمازين النمامين من طوارق الشر لا يجدون أذناً صاغية وأرضاً خصبة لإثمار الزقوم التي يزرعونها إلا من يكون لديه استعداد لمجاراتهم في أخلاقهم وسلوكهم، أما الرجال الأفاضل الكبار فإن أرضاً خصبة للخير لا يبرز فيها إلا الزهور الماتعة والثمرات اليانعة فتجدهم يوصدون آذانهم وعقولهم أمام كل هماز مشاءٍ بنميم طارق شر يطرقهم في الليل وفي النهار. وخلاصة القول أنه في حالة وجود نقص ما في أخلاق أو تعامل موظف أو مسؤول وبلغه ما بلغه من ملاحظات عن ذلك النقص الموجود فيه وما يعانيه بعض المتعاملين معه من عجرفة وتكبر وسوء تفاعل وتطنيش وتهميش وتبويز وتهديد ووعيد، فإن كان حصيفاً أو أراد له الله - سبحانه وتعالى - الخير فإنه سوف يراجع نفسه ويترك الطريق المعوجة إلى الطريق السليم ويغلق الباب أمام كل طارق بشر في الليل أو في النهار أما إن كابر وعاند وأصر على نهجه السقيم فليعلم أن الله - عز وجل - يمهل ولا يهمل ولا بد أن ينكشف أمرك عند الأخيار الذين لا يرضون بتصرفات الأشرار فإن زاد في كبريائه وتصرفاته الحمقاء فقل عنه أنه متكبر وذكره بقوله - عز وجل - في سورة الإسراء الآيتين: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء، {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} (37)، وأيضاً قوله - سبحانه وتعالى - في سورة لقمان: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}، وإن زاد فقل حسبنا الله ونعم الوكيل.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد