بكين - (رويترز) - من بن بلانكارد
منتجات مثل الحليب وأدوية السعال وطعام الحيوانات وقطع غيار السيارات والبيض والعسل والدجاج وزيت الطعام والأرز إذا كان بالإمكان غشها أو تلويثها فإن ذلك حدث بالتأكيد في الصين. فقد أدى اندلاع سلسلة فضائح منتجات منها حليب أطفال ملوّث يعتقد أنه قتل ستة رضع وأصاب ألوفاً بالمرض إلى زعزعة ثقة المشترين وأقلقتهم من شراء كل ما كتب عليه (صنع في الصين) رغم انخفاض أسعار هذه المنتجات في أغلب الأحيان. وقالت سالي فيلجاس وهي أم لطفلين في أستراليا مشيرة إلى فضيحة حليب الأطفال الملوّث بمادة الميلامين التي ألقي الضوء عليها في سبتمبر - أيلول الماضي (شعرت باشمئزاز عندما رأيت ذلك على التلفزيون). وأضافت (إذا كنت أتسوّق وأمسكت بمنتج كُتب عليه صُنع في الصين سأعيده إلى مكانه. (وكانت فضيحة الميلامين هي الأحدث في سلسلة مشكلات تتعلّق بسلامة المنتج ظهرت في الفترة الأخيرة منها دهانات تحتوي على رصاص على لعب أطفال وسيارات ودواء مانع لتجلط الدم ألقي عليه اللوم في العديد من حالات الوفاة في الولايات المتحدة وإلمانيا مما أثار عمليات سحب عالمية في أوائل هذا العام. وبعد كل فضيحة كان يبدو أن الصين تتخذ رد فعل واحد هو شن حملة وتدمير المنتجات الملوّثة أمام شاشات التلفزيون وسجن عدد من المسؤولين وتقول إنها (تولي اهتماماً كبيراً لهذه المشكلة).
ويقول المحلّلون إن المشكلة هي أنه رغم جهود الحكومة تتوالى الفضائح ومن المتوقع أن تستمر في الظهور بسبب تراخي قواعد تنفيذ القانون وتشرذم الصناعات وانتشار الفقر والحجم الكبير للصين. وقال دونكان اينز كير وهو محلّل في وحدة المعلومات الاقتصادية في بكين (أنا واثق من أن فضائح أخرى ستظهر. هذا شبه يقين. ليس فقط في المجالات التي رأيناها فقط في مجالات أخرى كذلك).
وأضاف (الصين تواجه العديد من المشكلات لأنها تتحول إلى اقتصاد كبير الحجم ولكن فقير جداً ومن الواضح أنك لا يمكنك أن تطبّق آليات سلامة مثل المطبقة في الغرب في اقتصاد لا يكسب نصف سكانه أكثر من دولارين يومياً).
وأقرَّ جين بياو نائب رئيس مجموعة يلي الصناعية في منغوليا الداخلية أحد أكبر مصنعي منتجات الألبان في الصين بأن مشكلة الميلامين أضرت بسمعة البلاد في الخارج. وأبلغ رويترز (التلوث كان نتيجة مشكلة في إدارتنا. يجب أولاً أن نحلّها دون أن نحاول القاء اللوم على المزارعين أو المجتمع أو البلد).
وكانت مجموعة يلي ضمن 22 شركة أنتجت حليباً ملوثاً بالميلامين ولكن بعد تحقيقات مكثفة تؤكّد الصين الآن أن المشكلة تم حلّها تماماً في قطاع منتجات الألبان. والميلامين مادة كيماوية تستخدم في صناعة البلاستيك كانت تضاف إلى الحليب المجفف لراوغة اختيارات الجودة الخاصة بمستويات البروتين.
وأدت الفضيحة إلى حظر على مستوى العالم للأطعمة التي تحتوي على منتجات ألبان منتجة في الصين. وأصدرت الولايات المتحدة الشهر الماضي إنذاراً لمستوردي مواد غذائية مصنعة في الصين مطالبة وقف الأطعمة على الحدود ما لم يتمكن المستورد من إثبات إما أنها خالية من منتجات الألبان أو من الميلامين.
وقال مايك ليفيت وزير الصحة الأمريكي في زيارة لشنغهاي (أعتقد أنه واضح بالنسبة للصينيين أنه عندما تظهر مشكلة تتعلّق بالجودة فإن أثرها يتجاوز مجرد الإضرار بقطاع في الصناعة).
وأضاف (إنها تضر بشعار صنع في الصين ذاته). وأثارت الخطوة الأمريكية رد فعل غاضباً في الصين التي وصفتها بأنها خطوة (أحادية) وأبدت (أسفاً شديداً) لذلك. لكن المستهلكين يصوّتون بنقودهم. فبعد فضيحة الميلامين أعلنت المتاجر الكبيرة في تايوان على سبيل المثال ارتفاع مبيعات السلع الموضح عليها أنها صُنعت في تايوان. وقال ماتيو كرابي مدير شركة البحوث اكسيس آسيا إنه ليس من السهل مقاطعة جميع المنتجات الصينية. وأضاف (لا أعتقد حقيقة أن الناس تدرك كم ما ينتج في الصين). وتابع أن نقل الإنتاج إلى دولة أخرى منخفضة التكاليف لن يحل المشكلة كذلك. وقال (فستتكرر المشكلات نفسها. قد يتحولون إلى بنجلادش أو مكان آخر ثم يبدؤون في مواجهة المشكلات ذاتها مرة أخرى. إنها مشكلة مراقبة الجودة). والتحديات التي يمثّلها الفقر في الصين تفاقمت بسبب الفساد والاستقلالية التي حصلت عليها بعض الحكومات المحلية وأغلبها على بعد مئات الكيلومترات من المسؤولين في بكين الذين يحاولون تحسين سمعة البلاد. وثقافة التعتيم على الأخبار السيئة أو تأخير إبلاغ الجهات العليا بالمشاكل تزيد من عمق المشكلة.
وكانت حكومة مدينة شيجياتشوانج التي تضم شركة سانلو محور فضيحة الملامين تأخرت في رفع المشكلة إلى المسؤولين ربما خوفاً من الإضرار بصورة البلاد أثناء دورة الألعاب الأولمبية. غير أن المراقبين يقولون إن هذا السلوك تغيَّر. وقال انتوني هازارد مستشار منظمة الصحة العالمية الإقليمي عن سلامة الأغذية ومقره مانيلا إنه تشجع بالأسلوب الذي بدأت به الصين في تبادل المعلومات بعد فضيحة الميلامين.
وقال للصحفيين في بكين (وجود المصارحة وتبادل المعلومات من شأنه تعزيز الثقة). وأضاف (بالطبع الثقة متضررة في الوقت الراهن. لكن السبيل الوحيد لاستعادتها هو وضع نظام فعَّال لمراقبة جودة الأغذية من المزرعة إلى مائدة الطعام ونأمل أن يفعلوا ذلك). ومع ذلك يبدو أنها مسألة وقت قبل أن تندلع الفضيحة الجديدة في دولة حتى الأدوية فيها تعتبر مجالاً للكسب السريع.
وقال كرابي من اكسيس آسيا (الفضيحة التالية على الأرجح ستتعلّق بقطاع الأدوية وبالأقراص العشبية... الله أعلم بما يوضع في هذه الأقراص والقواعد التي تتبعها هذه الصناعة إذا كان هناك أي قواعد).