العالم العربي الآن مشغول (بأوباما) الرئيس الأمريكي الجديد، وكالعادة أو على الأقل كعادة الأمور كما عرفتها، ستكبر الأحلام والتطلعات العربية، وستبنى قصور من التفاؤل والأمنيات بأن ما عاشه العالم العربي طوال سنين غابرات لم يستطع فيها أن يلتقط أنفاسه لكثرة ما واجهه من أحداث وأفعال تعاقب على فرضها أكثر من رئيس أمريكي، ستنتهي أخيراً، ولا جديد لدى عالمنا العربي وهو يفرط مع كل انتخابات أمريكية في تفاؤله وحجم أحلامه، فهذا العالم مغموس بالانبهار الذي يحركه ويحدد طبيعة ردود أفعاله ويفرض قبوله لكثير من الأحداث، ففي كل مرة تعصف زوبعة الانتخابات الأمريكية، تبهره حملاتها ويغوص أكثر في أمنياته وأحلامه التي لا يسعى لتحقيقها بنفسه ولكن ينتظر غيره ليحققها له، ليكتشف بعد هدوء العاصفة أن الأمور لم تتغير وأن كل شيء يسير في المسار نفسه الذي يعهده منذ سنين رغم تغير الحملات ووجوه الرؤساء وألوانهم.

من اليوم وحتى تظهر الحقيقة التي تغطيها أمنيات هذا العالم العربي المبهور، سيقتصر الحديث فقط عن الرئيس الجديد، وستفرد كل القنوات العربية مساحات أكثر تكاد تصل لكل وقت بثها عنه، وسنسمع أفكاراً قد لا تخطر على بال الأمريكيين أنفسهم عن حجم التغير ونوعه الذي تشهده أمريكا، لكننا وفي خضم انشغالنا وانبهارنا سننسى كالعادة أيضاً أن نحدث التغيير الذي يفترض أن نحدثه نحن في أنفسنا علنا نتحدث ولو قليلاً عن أنفسنا بشيء من الانبهار، وستعرض لنا بكل التفاصيل الممكنة مقومات شخصية هذا الرئيس وذاك، ومكامن التفاضل بينهما ولن نسمع غير قال الرئيس وخرج الرئيس وضحك الرئيس وسنربط كل حياتنا بهذا الرئيس حتى يتسلم مهام عمله لنصحو على الحقيقة التي لا نريد أن نتذكرها، والتي من أجزائها أننا في عالمنا العربي لا نحدث الأفعال ولا نفرض الأحداث ولا يتجاوز همنا غير ردود أفعال لا نحستها حتى، فنحن وما تعودنا عليه، مجرد صخب يثور بما يبهره ثم لا يلبث أن يعود لمساره الطبيعي منتظراً ما يحدثه غيره من تغيير.. والله المستعان.