الحمد لله حمد الشاكرين، وأستغفره لذنوبنا فهو خير الغافرين، وأستهديه وأعوذ به من مضلات الفتن وطرق المضلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمداً عبده ورسوله إمام المتقين، وقدوة العاملين، المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:
فإن الهمم تعلو، والنفوس تطمئن، والأعناق تشرئب، وتسود لغة الأمل والتفاؤل حينما يكون الحديث عن المنجزات، ورصد أفعال عظماء الرجال الذين سطروا التاريخ بدمائهم، ورووه بأفعالهم التي لا تعرف الكلل والملل، وصبروا وصابروا ورابطوا حتى أثمرت جهودهم وطناً آمناً مطمئناً، ترفرف عليه راية التوحيد، وتحكمه شريعة رب العالمين، أخذاً بالتنزيل العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتمسكاً بالسنة المطهرة، ولن تضل أمةُ أخذت بالوحيين، وأقامت نظام الحياة عليهما.
إن هذه الصورة المشرقة، والسجل الحافل بالإنجازات هو ما قدمته دولة التوحيد، دولة الكتاب والسنة لجزيرة العرب (المملكة العربية السعودية)، منذ قيامها وتأسيسها على يد الإمامين الجليلين، الإمام محمد بن سعود، والإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - فقد تعاقدا وتعاهدا على إقامة دولة تنصر توحيد الله وتنشر دين الله وتجاهد لإعلاء كلمة الله، وصدقا الله فصدقهما الله، وأنجز وعده في قوله جل شأنه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} ولا تزال قائمة على هذا الأصل الأصيل والركن المتين، فنظام الحكم ينص في كل مادة منه على اعتماد الكتاب والسنة، والرجوع إليهما والأخذ بهما، وعقيدة التوحيد وهي أعظم نعمة لا تزال غضة طرية، صافية ندية، تطبق في شمولية ونقاء كيوم نزلت في عهد المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، فلا نرى في بلادنا - ولله الحمد - مشاهد تعبد، ولا أضرحة ولا مزارات، وإنما حماية لجانب التوحيد، وقيام على هذا الأصل بكل وسيلة، وإلى هذه النعمة العظيمة يُعزى ما تعيشه هذه البلاد الطاهرة من أمن وأمان، ورغد في العيش، وطمأنينة وسعادة لا تماثلها سعادة أخرى مهما كانت مقوماتها الدنيوية، ومن رحمة الله وحكمته ومنته أن هيأ لهذه البلاد ومقدراتها ومكتسباتها قادة أوفياء، جعلوا من تحقيق التوحيد ورفع راية لا إله إلا الله هدفاً لهم، ومن تحكيم الشريعة والحكم بما أنزل الله منهجاً، وجعلوا خدمة المقدسات، وتحقيق طموحات الوطن والمواطن هماً رئيساً ومسؤوليات وأولويات، فأثمرت هذه المنهجية الفريدة، والسياسات الحكيمة التي رسمت في خطط استراتيجية وأعمال مؤسسية صورة مثالية، وخصائص وميزات فريدة، جمعت فيها هذه الدولة المباركة بين الحفاظ على الثوابت، والسير بخطى حثيثة لتتبوأ مكاناً مرموقاً متقدماً بين دول العالم، وحققت بها تلاحماً بين الراعي والرعية ينتج عنه التعاون على البر والتقوى، والقيام بما هو غاية من الخلق {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وجسدوا في تعاملهم مع مواطنيهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم)، فالحمد لله على نعمة هذه الولاية الراشدة، والقيادة الحكيمة، والحمد لله على نعمه التي لا تحصى، وأعظمها وأتمها نعمة التوحيد الخالص، والأمن الوافر التام الذي يضرب أطنابه في ربوع هذه الجزيرة المباركة ويزداد يوماً بعد يوم، ونسأله أن يحفظ هذه النعمة من الزوال، وأن يكلل الجهود بالنجاح والتوفيق.
وفي يوم الثلاثاء، وما أدراك ما يوم الثلاثاء، إنهُ يوم تاريخي، وساعة مشهودة في تأريخ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فقد تشرفت أنا وزملائي أعضاء مجلس الجامعة والمسؤولين فيها بلقاء ما أُحب أنَّ لي به حمر النعم، لقاء يُسر به كل محب لدينه ووطنه عموماً ولهذه الجامعة المباركة خصوصاً.
جمعنا الله من خلاله مع صاحب القلب الكبير، والعقل الوافر، والسياسة الحكيمة، والتجربة الناضجة، والرؤى المتزنة، والحكمة والسداد، مع أمير السنة والأمن والفكر صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، وزير الداخلية، حفظه الله وسدده ووفقه، وأمد في عمره على طاعته ونصر به الكتاب والسنة والوطن، إنه سليل الأسرة الماجدة، وأحد أبناء الملك المؤسس الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - اكتسب الخبرة، وعايش السياسة، واجتذبته حكمة والده المؤسس، ولذلك عايش الأوضاع الداخلية والخارجية لهذه الدولة المباركة، وتقلد عدة مناصب، لكنه أمضى ما يقرب من نصف قرن في وزارة الداخلية، نائباً للوزير، ثم وزيراً لها ومرت به أحداث جسيمة، وتطورات كبيرة، وتقلبات داخلية وخارجية، ومع ذلك وبفضل من الله تعالى كان وجود سموه على رأس قمة هرم المسؤولية في هذه الوزارة التي تمثل أساساً للأمن، وردءاً للأجهزة الأخرى سبباً رئيساً بعد فضل الله ومنتهِ في تجنيب الدولة مخاطر كبيرة، واتهامات خطيرة.
والحق أنك حينما تقف أمام سمو الأمير تقف أمام الحكمة والنظر الثاقب والموسوعية في جوانب مختلفة، فإن تحدث عن ثوابت المملكة التي قامت عليها وعلى رأسها العقيدة الصحيحة فحديث من يعتقد ويدين لله بأن هذا سر التمكين والأمن التام في الدنيا والآخرة، ودائماً ما يردد - يحفظه الله - أن العقيدة والدين هي الأساس، وأن وطناً بلا عقيدة لا يساوي شيئاً، وجهوده المباركة، وأعماله الموفقة في هذا المجال لا تخفى، أما الجانب الفكري الذي هو أساس الأمن الحسي والمادي فإن أميرنا المحبوب ووزير أمننا قد حباه الله بميزات فريدة وخصائص عديدة، وأفق بعيد يوقفك من خلاله على أبعاد هذه الأفكار، ومخططاتها وتأريخها وتأريخ رموزها، وهذه الخبرة التي منحه الله إياها أنتجتها معايشة تامة، وجهد خاص في هذا المقام وبذل وتضحية، ومتابعة للقضايا الأمنية، وطول ممارسة، تجعل الحديث عن هذا الجانب المهم تجربة ناضجة، تكون درساً للأجيال، ورؤية علاجية واستشرافية يحتاج إليها الخاص والعام، لتكون أساساً يعتمد عليه في الاستراتيجيات التي تستهدف خطاب التطرف في كل وقت، لاسيما البنى التحتية التي يعتمد عليها منظرو هذا الفكر ورواده، وهذه السمات يلمسها القارئ والمستمع لأي حديث يتناوله سمو وزير الداخلية، لكن ذلك المجلس المبارك، الذي حظيت به الجامعة ممثلة في مسؤوليها وامتد ساعات طويلة، وتجسد فيه حديث الأمير كمواطن مخلص، وكمسؤول يحمل هم المسؤولية، ويشعر بثقل الأمانة، استمع الوفد إلى حديث القلب للقلب من سمو الأمير وأدرك الجميع من خلال هذا اللقاء المتميز أن أمير السنة والفكر والأمن محقق ومطلع على أمور وأحوال وحقائق، وأنه جمع سمات وخصائص، وقدرات ومواهب يندر أن يجمعها رجل واحد مهما كانت قدرته، حيث تطرق إلى أمور مهمة وحساسة ومتنوعة كلها تصب في مصلحة الوطن والمواطن، وتهدف إلى إشراك الجميع كل بحسب تخصصه ومسؤوليته في تحمل الهم الأكبر للوطن، ألا وهم أعداء الوطن، خارقو سفينة المجتمع الصالح، حملة فكر التكفير والتفجير والضلال والفساد، لتتم مواجهة هذا الفكر الشاذ، والمبدأ المنحرف وفق رؤية ناضجة، وأسس عملية وأساليب وأدوات فاعلة مؤثرة بإذن الله، وتتحقق تطلعات ولاة الأمر في كل شأن، وفي الجانب الأمني على وجه الخصوص، ومن خلال هذه الأسطر أحاول رسم أبرز المحاور والأسس التي دار حولها الحديث، فقد استهل سمو الأمير اللقاء بالترحيب بمسؤولي الجامعة كعادته، مبدياً سروره واغتباطه بهذه الفرصة، ثم تحدث بإفاضة عن حقيقة منهج هذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية، وما قامت عليه من أسس وثوابت، وأنها تشرفت بالحكم بالشريعة وخدمة العقيدة، وسيظل هذا المنهج أمام الزحف الهائل، والمعاداة التي توجه إلى هذه البلاد، وهذا شرف للقيادة وللوطن، ولأبناء الوطن، والأنظمة التي يراد منها تحقيق مصالح العباد ليس فيها ما يخالف الكتاب والسنة، وقال يحفظه الله:
ومن المؤسف أن نجد من أبناء هذا الوطن من يخالف، وأسوأ هؤلاء من يرى المثال له في حياة الغرب ونظمه ودساتيره، والإسلام منهج شمولي لا ينحصر في وسائل الدعوة وأساليبها بل هو منهج يحكم شؤون البشر من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى يومنا هذا.
هكذا يرى قادتنا وولاة أمرنا أن قضية الأسس لا مجال للمساومة عليها، ولكنها نظرة واعية ثاقبة مدركة وهي: أن الأخذ بالعقيدة والأصول لا يمنع من مسايرة التطور، ومواكبة مستجدات العصر؛ لأن الدين معنى شمولي ينتظم أمور الحياة، والأخذ به والتمسك بأحكامه وأخلاقه سبب للارتقاء والتطور. ثم يتحدث سموه عن مسائل تأريخية، وعن بساطة الحياة والعيش، وسلامة قلوب السابقين، وسهولة معالجتهم لمشاكل الحياة التي تطرأ، ثم نَقَلنا سموه - يحفظه الله - من هذه النقطة التي تعد مدخلاً وإشارة إلى سبب تغلغل أصحاب الأفكار، فما كان يتمتع به السابقون من محبه للتدين، وعاطفة، وحسن نية استغل استغلالاً سيئاً من أصحاب الفكر الغالي والمتطرف، بل وكان هذا التصرف منهم في مقابل الإحسان إليهم، فقد قاموا في بلادهم بحركات سياسية، واخترقوا أجهزة الأمن والجيش، فلما جوبهوا بقوة، وقتل منهم من قتل وشُرِّد من شُرِّد اتجهوا إلى هذه البلاد في ذلك الحين باسم الإسلام، فرحبت هذه البلاد بهم، وقدرت لهم هذه المعاناة، وقوبلوا بالتقدير والاحترام، وعاشوا عيشة كريمة مثل أهل الوطن، وذلك في مقابل التأكيد لدولهم ولهم ألا يقوموا بأي تحرك ضد المملكة، ولا ضد بلدهم، وحينها أشار من أشار من علمائنا بحسن نية إلى مشاركتهم في التعليم والاستفادة منهم، وكان المفترض أن يأخذوا بتعاليم الإسلام، ويكون مقابلة الإحسان عليهم بالإحسان منهم، لكنهم للأسف قابلو إحسان هذه الدولة التي رعتهم وآوتهم بالإساءة، وقدموا الفكر والمبدأ قبل العلم، يقول سموه - حفظه الله - كنا نلمس هذا وللأسف، وبكل ألم خلال هذه السنوات الطويلة من خلال مخرجاتهم، هناك ممن تخرجوا على أيديهم من أخذ العلم الصحيح وترك ما لا يصلح، ولكن هناك من أُعجب بفكرهم، وسار على طريقهم، وكان أول المخالفات وبداية الانحرافات: السرية في التصرفات، وانتهاج الكذب والمخادعة التي لا يمكن أن تكون سمة للمسلم في أي عمل فقد يفرط من المسلم ذنوب لكنه لا يكذب كما قال ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهكذا يقدم صاحب السمو - حفظه الله - قراءات عايشها لواقع أصحاب هذا الفكر، وكيف تغلغلوا إلى هذا الوطن الآمن، وهي قراءات أثبتها الواقع، وأبان خطرها أميرنا المبارك بصراحة متناهية، وطالب الجميع أن يصححوا الأخطاء ويسددوا الثغرات ويبتعدوا عن المجاملة، فالرجال يواجهون الرجال، والفكر يواجه بفكر، ولا بد من الصراحة والمواجهة بالملاحظات كمنهج واضح لا سرية فيه ولا أسرار، فنحن إخوان وأبناء وطن واحد، كل منا يهمه ما يهم الآخر في هذا المجال وغيره، وصاحب السمو الملكي وهو يوجه بهذه التوجيهات المباركة ويقف هذه الوقفات المهمة مع تأريخ هذا الفكر، ويُوقفنا على مكامن الخلل، ومواطن الخطر ويصارح الجميع بمثل هذه المعلومات المهمة عن هذه الأفكار التي تستهدف عقيدتنا ووطننا ووحدتنا وولاة أمرنا هو بذلك يمثل المنهج الشرعي، ويتمثل المبادئ التي جعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسساً للتعامل بين الراعي والرعية، فقد قال فيما أخرجه الإمام مسلم من حديث تميم الداري: (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة، قالوا لمن يارسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
فما وجهنا به سموه ما هو إلا واجب ديني، ومبدأ شرعي، وهو يقتضي القيام بالواجب تجاه الولاية الشرعية، وهذا كله يظهر بجلاء ويرد بأبلغ دليل على من يساوم أو يشكك في أن ولاة أمرنا قاموا على نصرة الكتاب والسنة، واهتدوا بما فيها وتمثلوا بمنهج سلفنا الصالح - رضوان الله عليهم - فما نسمعه أو يسمعه كل من شاهد سمو الأمير أو قرأ له يجد أنه يترسم فيه ما ورد في تلك النصوص، وما قاله العلماء، وهذا ليس بغريب على من نشأ في بيت الملك المؤسس غفر الله له ورحمه، وتلقى تربيته وتعليمه في أجواء الدين والعقيدة والعبادة، ومجالسة للعلماء والأخذ بأخذهم.
ويعزز هذه النظرة ما هو محور من محاور الحديث الذي دار في اللقاء المبارك، حيث تعرض سموه لبعض الأخطاء التي وقعت، والمظاهر التي لا تتفق مع الفهم الصحيح، والفكر السليم، ولكنه أبان أن هذه الأخطاء، لا تعيب المؤسسات والأجهزة التي قامت عليها الدولة ورعتها، وخصوصاً جهاز الحسبة الذي يدعمه سموه، ويقف معه موقفاً داعماً، ويرد وبقوة على من أراد النيل منه أو استهدفه بأي صورة من الصور، وما ذاك الموقف الذي لمس فيه من أحد الصحافيين لَمْز هذا الجهاز، فكان رد سموه عليه بسؤاله: هل أنت سعودي؟ إلا شاهد على هذه الرعاية والدعم.
ثم يأتي المحور الذي أفاض فيه سمو الأمير - حفظه الله - وأضفى على الحضور جواً من البهجة والأنس والسعادة من وجه، واستشراف عظم الأمانة والمسؤولية من وجه آخر، وكانت كلماته النيرة، وعباراته المؤثرة، ونبرته الصادقة، ونظرته ونظراته الدافعة لكل عمل، حديثه المشجع عن هذه الجامعة العريقة، وتأريخها وما تعيشه في هذه المرحلة على وجه الخصوص، فقد كان حديثه عن الجامعة حديث المعايش لها ولواقعها لحظة لحظة، ومرحلة مرحلة منذ أن كانت نواة بمعاهد علمية حتى أصبحت جامعة تحمل اسم مؤسس الدولة السعودية الأولى، وما مر بها من تطورات وأحداث وشخصيات، مركزاً سموه على الجانب الفكري، واستهل حديثه المبارك بقوله: (هذه الجامعة من الجامعات المهمة، التي علقت عليها الدولة وقيادتها ومواطنيها آمالاً كبيرة، بل حتى العلماء وطلبة العلم، بل وحتى خارج الوطن، ينظر إليها نظرة خاصة سلبية كانت أو إيجابية، فمن كان مسلماً مؤمناً سينظر إليها نظرة إيجابية كجامعة إسلامية في وطن الرسالة السماوية، وإن كان غير ذلك فسيتأفف ويعمل ما يسيء للجامعة)، ثم قال: (والأساس في هذا العلم دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وهذه الدولة ستبقى بإذن الله على هذه العقيدة، وليس لنا شأن ولا نصر في الدنيا إلا بالتمسك بها، وفي تقديمها للعالم بشكلها الصحيح، وكل من يتصل بالجامعة أو ينتسب إليها أو يتخرج فيها سيجد هذا).
ثم تعرض لما مر فيها من سلبيات وأخطاء، ولكن سموه - حفظه الله - طمأن الجميع بتلك العبارات التي نفتخر بها، ونعدها تاجاً على رؤوسنا وشهادة أبلغ من جميع الشهادات، لأنها صدرت من أمير الأمن والفكر، ومن متابع للجامعة وتأريخها، ومن مسؤول ومواطن محب، فقد صدرها بقوله: (أنا كمواطن عايش الجامعة والجامعات الأخرى في بلادنا أقول: الجامعة تختلف عما سبق، وما أراه أقوله، ما مر على الجامعة منذ تأسيسها مثل مرحلة تشكيلها الحالي العلمي والإداري بإدارتها ووكلائها، ونحن الآن ننظر نظرة تفاؤل، أقوله من موقع المعايش المعاين، لم يكن الأمر سابقاً كما يتمنى ولاة الأمر، الآن ولله الحمد الجامعة بوجودكم واختياركم لمن يقومون معكم بتصحيح وإصلاح الجهاز الكبير، حتى يأخذ شكله الصحيح، ويعطي النتائج التي نتمنى).
وقال: (المسؤولية المطلوبة كبيرة، لكن الرجال قادرون على ذلك وهم الصادقون مع الله ثم مع واجباتهم، ويجب أن ندعم الجامعة). هكذا تنهال هذه الدرر من أميرنا المبارك، وتنضم مع سابقاتها من مظاهر الدعم والعناية والرعاية، التي حظيت بها هذه الجامعة المرموقة، وإن مثل هذه الوقفات والدعم المخلص لمن أعظم الأسباب التي تعنينا بعد توفيق الله وتأييده لتكون الجامعة مشع نور، ومعيناً لا ينضب ومصدراً تنطلق منه مبادئ السلم والسلام، والوسطية والاتزان، وتنبذ معه أفكار الغلو والتطرف، وأقول لصاحب السمو الملكي: إن أي عمل وتطوير في الجامعة ما هو إلا حسنة من حسناتكم، وتنفيذ لتوجيهاتكم، وما أنا إلا أحد أبناء الجامعة أعمل والفريق المخلص معي، ونستشعر المهمة العظيمة الموكلة إلينا والمناطة بنا، وإن مثل هذه العبارات لتزيدنا قوة ومضاء، وسنأخذ بكل السبل والوسائل التي ترتقي بالجامعة، وسنعول كثيراً على الجانب المنهجي حتى تأخذ الجامعة مسارها الطبيعي بإذن الله، وما تفضل به سمو وزير الأمن سيظل وسام شرف، وتاج فخار طوق سموه به كل منتسب لهذه الجامعة، ويداً لسموه على هذه الجامعة، تسطر وقائعها في كل زاوية، وتؤثر صنائعها من كل رواية، وتشكر بكل لسان، وما نقوم به بدعمكم وتوجيهكم - أمانة ومسؤولية، وقبل ذلك عقيدة ندين بها، وسنستمر عليها لتحقيق ما تصبون إليه تحقيقاً يعتز به ويفتخر كل منتسب لها بإذن الله.
بقي أن أسطر في نهاية هذه الكلمة أن ما يميز صاحب السمو الملكي وما يلمسه المتابع لحديثه تلك المواطنة الحقة التي لم تؤثر عليها مسؤولياته الجسيمة، فهو يركز دائما على أنه مواطن، وهذه الحقيقة المهمة والانتماء الصادق هو ما نحتاجه في مسيرتنا الوطنية، وما يدفعنا إلى تحقيق مقومات المواطنة الصالحة التي تمثل النصح لولاة الأمر، وإلى الخلل فيها يعزى ما حصل من تجاوزات وانتماءات وولاءات جعلت بعض أبناء هذا الوطن الإسلامي المبارك يعادي وطنه، ويتعاون مع أعدائه ضده، بل ويخجل من هذا الانتماء الذي هو شرف، والله المستعان.
وبعد فهذه مشاعر وخواطر، وإضاءات حول اللقاء المبارك الذي شرفنا به صاحب السمو الملكي أمير السنة والأمن والفكر، ولا يسعني في ختام هذه الكلمة إلا أن أشكر الله سبحانه على نعمه وآلائه التي لا تعد ولا تحصى، وأهمها وأعظمها نعمة التوحيد الخالص، والولاية الراشدة، والاجتماع والألفة، وأسال الله سبحانه أن يحفظها من كيد الكائدين، ثم الشكر أجزله والثناء أوفاه والدعاء أخلصه لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز على ما قدمه للوطن عموماً، ولهذه الجامعة على وجه الخصوص، ونسأل الله سبحانه أن يعلي شأنه ويجعل التوفيق حليفه، أسال الله سبحانه أن ينصر به السنة والتوحيد، وأن يجعله علماً من أعلام نصرة الكتاب والسنة، وآخر دعوانا أن الحمدالله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
- مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية