Al Jazirah NewsPaper Monday  08/12/2008 G Issue 13220
الأثنين 10 ذو الحجة 1429   العدد  13220
الرئة الثالثة
شيء من أحاديث الطفولة.. وأشياء أخرى
عبدالرحمن بن محمد السدحان

(1)

* لم أحلم في فجر طفولتي بشيء ذي صلة بالمستقبل القريب أو البعيد! كان أقصى ما أتمناه أن ينتهي يومي العسير بوجبة ساخنة تدفئ عظامي، وأن أدرك العيد القادم بلباس جديد، وكنت أتمنَّى كل أسبوع أن يختصر الزمن دورته.. ويحلّ (الثلاثاء) يوم السوق الكبير في أبها.. حين يصطحبني جدي - رحمه الله - صباحاً على (متن) حماره العملاق لأزور أمي وأبتاع لي بعض (لوازم الطفولة)، إنْ وجدتُ ما أنفقُه! ويمضي ذلك اليوم أنشودة من الفرح، حتى يحين موعد الإياب إلى مقر الإقامة في القرية، عندئذ يجتاحني شعورٌ أليم وكأن جزءاً من بدني قد اُنتزع مني، فأبكي.. لكن لا حيلة لي مع البكاء، فأجفف الدمع.. وأعود من حيث أتيت مع جدي وأنا أُمنِّي النفس بلقاء قادم مع سيدتي الوالدة، (رحمها الله)!

**

* مرتان فقط خلال تلك الفترة (استشرفتُ) الغد بما يشبه الحلم.. الأولى حين شاهدتُ قريباً لوالدتي يكتبُ رسالة، فأسرني جمالُ خطه، وإن لم أع مضمون ما كتب، وتمنيت أن أكتب مثله يوماً من الأيام، أما الثانية، فكانت حين اصطحبني أحد أصدقاء أبي - رحمه الله - إلى المدرسة الابتدائية في أبها، بطلب من أبي، بعد أن أعيته الحيلة في إسكاتي عن البكاء.. ولم أكن وقتئذٍ قد بلغت مرحلة الدراسة، ذهبت مع ذلك الصديق وكان طالباً في السنة النهائية الابتدائية، وجلست إلى جانبه في الفصل وأنا لا أعي مما أسمع أو أرى شيئاً، ثم طلبت من صديق أبي أن يعيدني إلى منزلنا، ففعل، وفي الطريق اخترقت صدري آهة استفزت سمع مرافقي، فسألني وهو يغالب ابتسامة صافية على محياه: (ما بك يا عبدالرحمن؟)، فقلت ما معناه: (الله أعلم.. إن كنت سأعيش حتى أبلغ ما بلغته أنت اليوم)! وكانت عبارة غريبة جداً بكل المقاييس في تلك المرحلة العمرية المبكرة جداً، لكنها كانت في الوقت نفسه ترجمة حية مباشرة لحلم طفوليّ دفين!

(2)

* غريب أمر شباب بلادنا!

* في اليابان يهوى الشباب العمل حتى الإدمان.. وقد يقدم أحدهم نفسه (قربانا) لفشله إذا أخفق، ويبلغ أمر هذا الإدمان حداً يحرض الحكومة اليابانية على التفكير في التعامل معه بالعلاج!

**

* وفي غير اليابان، تُبذل الجهود وتنفق الأموال، وتعيا الألسن والأقلام حثاً للشباب على العمل، فلا يُقبل بعضهم عليه إلا وهم كارهون، بعد أن (أدمنوا) الراحة، معللين ذلك تارة بندرة فرص العمل، وأخرى بمزاجية الانتقاء له، مكاناً وزماناً، ومهمة وكيفاً!

**

(3)

* وقفات سريعة:

* الذكاء: موهبةٌ تستر الكثير من العيوب!

* الوداع: لا أطيقه، لأنه يذكرني بنهاية كل شيء!

* الأمل: شمعةٌ تبدِّد في النفس وحشة اليأس!

* الحُلُم: فضيلةٌ بشرط ألا يحوِّله الإفراط إلى ضعف!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5141 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد