عندما أتحدث عن الكويت بشكل عام فهو ليس مجرد حديث عن بلد خليجي شقيق فحسب ولكنه بالتأكيد حديث عن أهل وأشقاء وأبناء عم يسرنا ما يسرهم ويحزننا ما يحزنهم، ولست بصدد الإطالة في هذه الجزئية، فالوقائع والأحداث على مرّ التاريخ تشهد بذلك لأجل ذلك نحن نشاطر الأشقاء في الكويت مشاعر الأسف والألم بعد تجميد عضوية الاتحاد الكويتي لكرة القدم في (الفيفا) وبالتالي تعليق جميع مشاركات الكويت في أي تظاهرة إقليمية أو دولية، عندما سحبت قرعة خليجي 19 في سلطنة عمان وجاءت لحظة سحب الورقة البيضاء التي تم وضعها لتمثيل منتخب الكويت كانت لحظة تهز المشاعر فمن الصعوبة بمكان تصوّر غياب المنتخب الكويتي لأول مرة عن بطولة كأس دورة الخليج وهو فرس الرهان وصاحب الرقم القياسي في تحقيقها بتسعة ألقاب عندها تداعت في خاطري صورة الأزرق في عصره الذهبي ونجوم الزمن الجميل الذين أضافوا للكرة في الخليج الألق والإمتاع والفن والإبداع، فمن منا ينسى جاسم يعقوب وفيصل الدخيل وعبد العزيز العنبري وفتحي كميل وسعد الحوطي وعبد الله معيوف ومحبوب جمعة ونعيم سعد وأحمد الطرابلسي وجميع زملائهم عندما حققت الكويت بطولة كأس الأمم الآسيوية التي استضافتها الكويت عام 1980م كأول منتخب عربي يحقق هذا الإنجاز، وكيف ننسى أنهم أول منتخب خليجي يصل لكأس العالم وذلك في مونديال إسبانيا عام 1982م يومها قدمت الكويت عروضاً مشرِّ فة اختير على أثرها فيصل الدخيل كأحد نجوم منتخب العالم واستمرت المنجزات على صعيد المنتخب العسكري، وكذلك دورات الخليج المتعاقبة حتى آخر منجز تحقق خلال العصر الذهبي للكرة الكويتية المتمثّل في كأس خليجي 10 التي استضافتها الكويت خلال شهر مارس 1990م أي قبيل غزو النظام البائد للكويت بأربعة أشهر تقريباً عندما فاز الأزرق بنتيجة تاريخية على منتخب الإمارات في آخر مباراة بستة أهداف مقابل هدف، بعدها تراجع مستوى الأزرق بحكم الظروف التي مرّت بها دولة الكويت بعد التحرير مباشرة، وقبل ذلك الفراغ الكبير الذي خلفه الغياب المفجع للشيخ الشهيد فهد الأحمد الجابر الصباح الذي قضى صباح الثاني من أغسطس 1990م مدافعاً عن وطنه لذلك عاش الأزرق الكويتي فترة من عدم التوازن فلم يحقق أي منجز إلا بعد 6 سنوات وتحديداً في خليجي 13 التي أقيمت في سلطنة عمان عام 1996م يومها كان التفاؤل يسود الشارع الكويتي قبيل انطلاقة الدورة عطفاً على ظهور جيل جديد من النجوم أمثال النجم بشار عبد الله كابتن نادي السالمية ومهاجم الهلال السعودي سابقاً، وكذلك النجم المعتزل جاسم الهويدي مهاجم السالمية والهلال السعودي سابقاً، ونتيجة لذلك التفاؤل الكبير وإمعاناً في مؤازرة الأزرق الكويتي جادت قريحة الشاعر المبدع الشيخ دعيج الخليفة الصباح بأبيات تحمل في مضامينها معاني الإصرار والتحدي وأبدعت فرقة ميامي في أدائها وهي أغنية (الموج الأزرق) التي أصبح لها حضور قوي، وخصوصاً بعد تحقيق الكويت كأس البطولة عندها رددت الجماهير الكويتية (هذا هو الموج الأزرق لا تطب في بحره تغرق) واستمر العطاء والإنجاز لنجوم الأزرق عندما حققوا أيضاً كأس خليجي 14 التي استضافتها البحرين عام 1998م ومنذ ذلك التاريخ والمنتخب الكويتي بدأ في الانحدار عاماً بعد عام حتى وصلت الحال إلى ما آلت إليه الآن. وبغض النظر عن الأسباب التي دعت الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لإيقاف الكويت والتي بالتأكيد جميعكم يعرفها أعتقد الآن بأن الكرة في ملعب الأشقاء في الكويت، كما أكّد ذلك نجم نادي الكويت والمنتخب السابق (المخلص) عبد العزيز العنبري وذلك برنامج ليالي الوطن عبر تلفزيون قناة الوطن الكويتية، حيث تطرّق العنبري لأزمة الرياضة الكويتية الحالية وشدَّد على تسريع عملية انتخابات اتحاد الكرة الكويتي لأجل إنهاء الأزمة، وأنا أؤكد على كلام العنبري لأنه ليس في صالح الكرة الخليجية والعربية ابتعاد الكويت عن المشهد الرياضي، كما أن الجانب المعنوي مهم جداً لشحذ همم لاعبي الأزرق الكويتي، ولعلكم تتذكّرون الشهيد فهد الأحمد لدى اجتماعه الودي العفوي مع اللاعبين قبيل بدء مباراة الكويت مع كوريا الجنوبية في نهائي أمم آسيا 1980م وكيف كان يوجههم وهو يشير بقبضة التحدي الشهيرة قائلاً (نبي هذي تودونها حق الشيخ سعد في المنصة بعد كل هدف)، حيث كانت المباراة تحت رعاية سمو ولي العهد آنذاك الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح - رحمه الله - والحقيقة توقفت كثيراً عند كلمات أبو أحمد رحمه الله لاحظوا أنه لم يقل للاعبين شدوا حيلكم نبي الفوز، بل كان يناقشهم على طريقة احتفاليتهم! ثم إنه كان متفائلاً لدرجة أنه شدّد عليهم الإشارة بقبضة التحدي (بعد كل هدف) وليس هدف واحد فقط! هكذا تكون الثقة من القائد تجاه نجوم منتخبه وهكذا يكون الدعم المعنوي الكبير، لذلك كل من شاهد تلك المباراة لاحظ لاعبي الكويت وهم يلعبون بتفان وقتالية وإصرار على حسم المباراة وكل ذلك ثمرة الدعم المعنوي.
كما أن المتابع للمنتخب الكويتي خلال خليجي 13 وخليجي 14 يستطيع أن يلمس حجم التأثير الإيجابي الكبير والدور المحوري الذي كان يلعبه الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي إبان ترؤسه للاتحاد الكويتي لكرة القدم، وظهر ذلك جلياً على أداء الأزرق الكويتي وأعتقد أن عودة الشيخ أحمد مرة أخرى لقيادة دفة الاتحاد الكويتي لكرة القدم من شأنها إعادة الكرة الكويتية لسابق عهدها. كل الآمال والأمنيات للمنتخب الكويتي الشقيق بالمشاركة في خليجي 19 بعد أن تتم إزالة كل المعوقات التي تحول بينه وبين المشاركة لأن وجود الكويت ضروري جداً في دورات الخليج وكأمنية شخصية أتمنى إذا لم يحقق منتخبنا السعودي اللقب الرابع في تاريخه أتمنى تحقيق الأزرق الكويتي اللقب العاشر له حفظ الله الكويت أميراً وحكومة وشعباً تحت كل أرض وفوق كل سماء ودامت الأفراح في بيتنا الخليجي الكبير ودمتم سالمين.
محمد بن سالم السالم