عندما حبى الله هذه البلاد المباركة، بأطهر بقاع الأرض المتمثلة في الحرمين الشريفين (مكة المكرمة والمدينة المنورة)، فإن الله سبحانه وتعالى قد حبى هذه البلاد بقيادة مباركة حكيمة، تقوم بواجباتها الدينية والوطنية وبما يسهل على الحجيج حجهم ونسكهم.
وعندما يلبي المسلمون في أرجاء الأرض للنداء الإلهي نداء الرحمن امتثالا لقوله سبحانه وتعالى: {ولله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}، وقوله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} .
فإن الدولة تقوم في أعلى مستوياتها وقبل أن تتوافد أفواج الحجيج إلى الأراضي المقدسة، تقوم بحشد جميع طاقاتها وإمكانياتها لخدمة ضيوف الرحمن وتيسير نسكهم والحفاظ على سلامتهم، وهي قبل ذلك تعمل على مدار السنة بعمل التوسعات وشق الطرق والأنفاق وتحسين ورفع مستوى الخدمات في الأراضي المقدسة.
وقد أولت الدولة رعاها الله الاهتمام والرعاية للحجيج منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، وقد كان للدور الأمني الذي تقوم به المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها وتوحيدها الدور البارز الذي مكن الحجاج من أداء حجهم بطمأنينة وأمن، فقد كان الحجاج قبل عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله لا يأمنون على أنفسهم بل كانوا عرضة للسلب والنهب بسبب عدم توفر الأمن.
وقد قام رحمه الله بتوطيد الأمن في جميع أرجاء الوطن وأولى الأماكن المقدسة أهمية كبرى للحفاظ على أمن الحجيج وسلامتهم.
ومنذ عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ومرورا بعهد أبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله جميعا وحتى الآن والحجاج يقومون بحجهم بكل طمأنينة وأمن والحمد لله.
وتبذل حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين جهدا جبارا مشهودا لتأمين سلامة الحجيج ورعايتهم، ويتم عمل الاستعدادات وحشد الإمكانيات قبل بداية الموسم بوقت مبكر من قبل القوى الأمنية المشاركة في موسم الحج.
ويتم عمل الخطط التي تضمن أمن وسلامة الحجيج وتسهيل حجهم وإقامتهم، ويتم وضع وتنسيق الخطط الأمنية المحكمة التي تؤمن سلامة الحاج بداية من استقباله في المنافذ البرية والجوية وحتى مغادرته.
ويتم الحشد الأمني على كافة المستويات كل ذلك لسلامة وراحة الحجيج فهي مسؤولية عظيمة يقوم عليها ولاة الأمر حفظهم الله ويعطونها جل اهتمامهم.
وقد تم حشد مائة ألف رجل أمن في الأراضي المقدسة لموسم هذا العام 1429هـ كل رجل أمن يؤدي دوره الأمني المخصص له والذي يهدف في النهاية إلى أمن الحج والحجيج، الذي توليه الدولة أهمية قصوى انطلاقاً من مسؤولياتها في السهر على أمن وراحة ورعاية الحجيج.
وتتوحد وتندمج الجهود في تنفيذ خطط الأمن الشاملة بين جميع قطاعات الدولة من القوات المشاركة من قوات وزارة الداخلية وقوات الحرس الوطني ووزارة الدفاع والطيران وجميع القطاعات الأخرى والمساندة.
وتتكامل الجهود المدنية والعسكرية وكل يقوم بدوره المخصص له بتنفيذ خطة الأمن بشكل منسق، لضمان وصول ومغادرة الحجاج بشكل سريع وضمان السلامة المرورية لهم وتقديم الخدمات الإسعافية لهم عند الحاجة، وتنظيم الحجيج مما يساعد على ضبط الأمن، والوقاية من الحرائق ومكافحتها، ومنع أي أعمال تؤثر على طمأنينة الحجيج وأمنهم، ووضع الخطط الطارئة للتدخل عندما تستدعي الحاجة لذلك.
ولا يقتصر دور رجال الأمن على الواجبات الأمنية فقط بل يتعدى ذلك إلى مساعدة الحجاج وإرشادهم وتيسير أمور حجهم وعمل ما من شأنه أن يساعد في راحتهم ورعايتهم وأمنهم.
وقد كان للدور الأمني الذي قامت به المملكة العربية السعودية على مدار الأعوام السابقة الأثر البالغ والحاسم في إنجاح مواسم الحج وبشهادة الجميع، وقد ثبتت فعالية وكفاءة الأمن في هذه المواسم المقدسة من ناحية القدرة في التخطيط والتنفيذ وحشد وتوظيف الإمكانيات البشرية والمادية.
وعلى الرغم من تحديات ظروف المكان والزمان إلا أنه وبفضل الله ثم بفضل التوجيهات من القيادة الحكيمة وجهود رجال الأمن من كافة القطاعات تحققت ولله الحمد هذه الإنجازات وسوف تتحقق إن شاء الله الإنجازات الأمنية المتتالية هذا العام وفي الأعوام القادمة.
نسأل الله أن يحفظ ويوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وأن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين وحقد الحاقدين، وأن يحفظ حجاج بيت الله الحرام ويردهم إلى أهلهم سالمين غانمين.
ركن عمليات لواء الأمن الخاص الأول - الحرس الوطني