الأجمل في رجالات الوطن المخلصين.. أنهم تركوا سيرة عطرة وحافلة بالذكر الجميل.. وكلما سنحت الفرص الجميلة في محاكاة سير الرجال جادت النفس بالحديث المميز عنهم.
المربي الشيخ عثمان الصالح الذي رحل إلى جوار ربه رحمه الله لم يمت ذكره الجميل. وسيرته الحسنة.. فقد عرفته في عشر سنينه الأخيرة.. مما مكنني أن أعرف عنه ما لم يعرفه كثيرون في نصف قرن عن الشيخ.. مزايا جميلة.. خلق كريم.. تعامل فريد.. عفيف اللسان.
جرت العادة أن كلما كبر الإنسان لدى البعض.. تغيرت سلوكه.. فيتحول إلى العصبية أحيانا.. وتتغير تعاملاته مع الآخرين.. وخاصة في تعامله مع الشباب؟
أما شيخي الصالح - رحمه الله - فهو العكس تماماً، تذكرت سلوكه الجميل.. وتعامله الأجمل.. يوقر الشيخ وهو الشيخ.. يستجيب للدعوة حتى وإن كانت بعيدة.. يثق في الآخرين.. يمنح المساعدة والشفع لمن يستحق.. رجل في المواقف.. عفيف اللسان.. لا يتطرق لأحد بسوء؟ وهذه خصال يقع فيها الكثيرون باللمز واللجم؟ تأتي من باب الحسد والضغينة.
الشيخ عثمان مربي في سلوكيات الحياة.. مربي إلى درجة امتياز.. لن نتحدث عن تعليمه.. لأنها سنون طوال لم أشهدها من قبل.. الذي شاهدته.. ابتسامته وتقديره للشباب النشط.. مساعيه للأجيال.. مئات الشفع سيرها الشيخ عثمان.. كم هو أنيق في ملبسه.. وكلامه.
أذكر أن أحد الإخوة اليمنيين من كبار السن ويدعى (قايد أحمد الصوفي) جاء للشيخ بصحبة أحد الإخوة من القطيف وهو حسين بن عبدالله الشيخ.. زائرين يرغبون السلام على الشيخ مودة ومحبة.. تخيلوا ذلك الحجم من الممازحة والتلاطف مع الشيخ اليمني.. وكم ساد هذا الزائر العربي من شعور جميل وهو يداعب الشيخ الصالح.
إنها الحياة الجميلة.. التي نتمنى أن يتصف بها الناس.. بعيداً عن الشحناء والبغضاء.. والحقد والحسد..
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ} صدق الله
العظيم.
عثمان الصالح ثروة من ثروات الوطن النادرة.. والتي عشقه الناس في أقطاب الوطن.
كم هي الذكريات حينما يلبي الشيخ دعوات والدي في المجمعة.. وكم هي الذكريات وهو يرصع اللفظ بالذهب.. ويطوي على أعناقنا لآلئ من الألماس بجميل نصحه..
ذكر محاسن الموتى مستحب.. والأجمل أن الشيخ علمنا أن لا نغتاب أو نؤذي أحداً باللسان أو ننقل الشائعات عن أحد.. أو نؤذي الآخرين في المجالس.. إنها صفات حميدة يلقنها الشيخ الجليل.. لكل من استأنس مجلسه.. أو أتاه زائراً.
رحم الله الشيخ عثمان الناصر الصالح.. وأسبغ عليه شآبيب الرحمة.. وبارك الله في أولاده وبناته وأحفاده.. فهو علم من أعلام المجد المضيء.
وكم هو السعادة حينما يؤصل بناء شامخ له في مسقط رأسه المجمعة.. وكم هو وفاء حينما يعلو البناء وهو يحمل اسم الشيخ.
أعلم أن هذا لم يغب عن أبنائه البررة.. وأعلم حرصهم وتفكيرهم بما يليق للشيخ..
لكن شوق ابن بار محب للشيخ ومخلص لذكره الجميل.. إنه والدنا جميعاً.. طيب الله ثراه.