Al Jazirah NewsPaper Sunday  07/12/2008 G Issue 13219
الأحد 09 ذو الحجة 1429   العدد  13219
ملكٌ كلّنا نحبُّه
العميد/ نفل بن عبدالله العامري السبيعي

توقفت كثيراً عندما أردت أن أكتب عن سيدي وقائدي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله وأمد بعمره - يقينا مني أنني لن أستطيع أن أوفيه حقه، وذلك لمكانته وقيمته وحنكته وخبرته وخدمته التي ليست بالقصيرة لدينه ثم لوطنه وشعبه وأمته العربية والإسلامية.

فسيدي الملك عبدالله الذي ولد بمدينة الرياض في العام ألف وثلاثمائة واثنين وأربعين من الهجرة ونشأ وتربى على يد والده المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود موحد هذا الكيان العظيم الذي كان يحرص على تربية أبنائه، ويسعى جاهداً ليكونوا صالحين ونافعين بإذن الله للدين أولاً ثم لوطنهم ومواطنيهم. بل إنه كان -رحمة الله عليه- حريصاً على تربية أبنائه تربية إسلامية صحيحة، وهذا هو النهج الذي نهجه المؤسس الكبير - طيب الله ثراه - فكان كتاب الله القرآن الكريم وسنة نبيه المصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم هما أول شيء حرص على تعلمه وفهمه لأبنائه. وهما ما قامت عليه الدولة السعودية وأصبح شرعها الرئيسي. وقد تولَّى سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -رعاه الله- المسؤولية في عهد أخيه جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمة الله عليه- في عام ألف وثلاثمائة واثنين وثمانين من الهجرة، وذلك بتوليه رئاسة الحرس الوطني والذي لم يكن الحرس الوطني آنذاك سوى مجموعة من المجاهدين، ومن أبناء الذين حاربوا مع جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- فبدأ ذلك الشاب الهمة والنشاط والعمل على إنشاء قوة مسلحة ومدربة تذود بالدفاع عن الوطن وترابه وليجعل الحرس الوطني صرحا عسكريا وثقافيا واجتماعيا يخدم الوطن والمواطن. فأمر -رعاه الله- بإنشاء المدارس العسكرية والفنية لتدريب الأفراد في مختلف التخصصات، وأيضا أمر بإنشاء المدرسة العسكرية لتخريج الضباط والتي تحولت الآن إلى كلية الملك خالد العسكرية.

وفي أوائل التسعينيات بدأت مرحلة التطوير للحرس الوطني؛ حيث وقع -رعاه الله- مع الجيش الأمريكي عقدا ينص على تدريب ضباط وأفراد الحرس الوطني تدريبا متطورا يتلاءم مع متطورات العصر الحديث كذلك عمل -حفظه الله- على إحضار معدات وآليات عسكرية حديثة وأمر بتوسيع التشكيل بإحداث ألوية جديدة والعمل على تدريبها وتجهيزها ليصبح الحرس الوطني قوة لا يستهان بها وقوة مساندة للجيش والأمن العام. ولقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -وفقه الله- يشرف بنفسه على التدريب ويشارك أبناءه ويرفع من معنوياتهم، ويرى المصاعب التي يواجهونها ويقوم بحلها وهذه من سمات القائد الناجح. كما أنه - حفظه الله- كان حريصا على إيجاد الرفاهية لأبنائه العسكريين مما يجعله يصدر أوامره الكريمة بإنشاء مدن سكنية في مناطق المملكة لأبناء الحرس الوطني، وكذلك إنشاء المستشفيات والمستوصفات الحديثة والمتكاملة لعلاجهم.

وفي العام ألف وثلاثمائة وخمسة وتسعين أصدر جلالة الملك خالد -رحمه الله- أمراً ملكياً بتعيين الملك عبدالله نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء إضافة إلى مهام عمله رئيساً للحرس الوطني وقام بالمهمة على أكمل وجه حتى عام ألف وأربعمائة واثنين من الهجرة عندما تولى ولاية العهد؛ مما ضاعف مسؤولياته -رعاه الله- الداخلية والخارجية. ومع ذلك أصبح التطور والتجديد يواكب الحرس الوطني ولم ينقطع ولله الحمد حتى الآن بفضل جهود الملك القائد وتوجيهاته الحكيمة. وقد شارك إبان ولايته للعهد في عدة مؤتمرات إسلامية ودولية وقام بعدة زيارات خارجية لعدد من البلدان العربية والأجنبية، كل ذلك من أجل وطنه وأمته والدفاع عن قضاياها ومن أجل رأب الصدع وحل المشاكل بين إخوانه العرب والمسلمين.

وتزيد المسؤولية وتكبر في العام ألف وأربعمائة وستة وعشرين من الهجرة عندما تولى زمام الأمور وبايعه الشعب كله ليكون ملكاً للمملكة العربية السعودية. ولكن بفضل الله عز وجل، ثم تمسكه بالإيمان الراسخ وحسن نيته -رعاه الله- هانت الصعاب وتذللت المصاعب وحالفه التوفيق، فهاهو -أعانه الله- على حمل الأمانة وإكمال المسيرة المباركة الخيرة، فكان همه الأول والأخير هو إسعاد المواطن ورفاهيته وإيجاد الأمن والأمان وتوفير كل ما هو في صالح الوطن والمواطن. وكان من أول اهتماماته -رعاه الله- هو المضي في توسعة الحرمين الشريفين ورعايتهما، فأصدر توجيهاته الكريمة بتوسعة الجهة الشمالية للمسجد الحرام وتوسعة المسعى وحل مشكلة الجمرات، وتقديم كل ما من شأنه خدمة المسلمين من حجاج ومعتمرين؛ ليقضوا مناسكهم بيسر وسهولة. وبالرغم من المتغيرات السياسية والمعيشية التي تعصف بالعالم، فإن الملك الغالي لم يغفل عن شعبه الوفي، فلقد شهد المواطن السعودي العديد من المكارم الطيبة من مليكه الغالي، كان من أهمها زيادة الرواتب لجميع الموظفين والمتقاعدين بنسبة 15%. وتخفيض أسعار الوقود. وإنشاء جامعات جديدة في عدة مناطق بالمملكة لأبنائه الطلبة، وإنشاء مدن اقتصادية جديدة، كذلك أمره الكريم بإضافة نسبة غلاء معيشة 5% لرواتب الموظفين تصل إلى 15% لمدة ثلاث سنوات، وأيضاً زيادة الضمان الاجتماعي والمعاقين وتخفيض بعض الرسوم الحكومية، وتتوالى مكارمه الكريمة -حفظه الله- ففي شهر رمضان المبارك من هذا العام 1429هـ أصدر أوامره بصرف مليار ومائة وخمسين ألف ريال مكافأة إضافية لراتب شهر رمضان لمن يشملهم الضمان الاجتماعي. إن الملك عبدالله ليس ملكاً فحسب، بل مواطن سعودي مخلص مؤمن بالله يسعى لراحة أبنائه وإخوانه المواطنين وتقديم المساعدات لهم, يحس بما يحسون به، يفرح لفرحهم ويتألم عند حدوث أي شيء لهم.

ويبدو ذلك جلياً عندما قام بالزيارات الكريمة لجميع مناطق المملكة ورأى احتياج أبنائه المواطنين بعينه وعن قرب وأصدر العديد من الأوامر الكريمة بإنشاء العديد من المشاريع الحيوية لهم كذلك خلال استقباله -رعاه الله- لأبنائه المواطنين كل أسبوع. إن الملك عبدالله -رعاه الله- لا تقتصر جهوده وإنجازاته لأبناء بلده فقط. وإنما شملت أيضاً إخوانه العرب والمسلمين، فلعلنا نتذكر دعوته -حفظه الله- لإخوانه الفلسطينيين في حركتي حماس وفتح في أطهر بقاع الأرض مكة المكرمة لحل مشاكلهم وإصلاح أمورهم، كما لا ننسى جهوده -رعاه الله- في الإصلاح بين الفصائل الصومالية المتحاربة وتوجيه الدعوة لهم بالحضور للمملكة العربية السعودية؛ مما نتج عن ذلك توقيع عقد مصالحة بينهم. إن المعروف عن الملك عبدالله هو مساعدته لإخوانه العرب والمسلمين والمشاركة في حل قضاياهم وتقديم المعونات العاجلة لمن هو متضرر أو محتاج وهو يحرص دائماً وأبداً -رعاه الله- على رأب الصدع وتوحيد الكلمة، ولعل مبادرته -أيده الله- للسلام في الشرق الأوسط والتي تم تقديمها خلال مؤتمر القمة العربية بلبنان لأكبر دليل على رغبته أن يعم الأمن و الخير لإخوانه العرب والمسلمين، وينعم الجميع بالسعادة والسلام مثلهم مثل الشعوب الأخرى التي تنعم بالخير والأمن. وقد شهد العالم هذا العام إنجازاً آخر من انجازات الملك المفدى -وفقه الله- والذي تمثل في دعوته لإقامة مؤتمر حوار الأديان والذي تم انعقاده في دولة أسبانيا برئاسته -حفظه الله- ليوضح للعالم أن الإسلام دين يسر وتسامح ينبذ العنف والإرهاب ويدعو إلى المحبة والتآلف ومواصلة أعماله في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى يبين للعالم أن الدين الإسلامي دين محبة ودين رحمة، فالناس فيه سواسية كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم.

إن الملك عبدالله ملك كسب قلوب أبنائه المواطنين؛ صغيرهم قبل كبيرهم، ببساطته وعطفه وتواضعه ومحبته وإخلاصه لهم فبادلوه الحب بالحب، والإخلاص بالإخلاص، والتفاني بالتفاني. وهذا ما عهده أبناء هذا الشعب الغالي من قيادته الحكيمة.

وفقك الله يا سيدي وأطال الله عمرك وأعانك بعونه وتأييده على أداء الأمانة الجسيمة التي تحملها.

وفي الختام.. أسأل الله العظيم الجليل أن يحفظك لنا أيها المليك الغالي ويطيل عمرك ويوفقك ويرزقك البطانة الصالحة النافعة، ويحفظ سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وكافة إخوانهم والأسرة المالكة الكريمة، وأن يحفظ الله الشعب السعودي النبيل الوفي ويجمع كلمته، ويحفظ هذا الوطن الغالي ويحميه من كيد الكائدين وشر العابثين، ويبعد عنه الفتن والإرهاب وأهله. كما أسأله أن يحفظ دينه ويعلي كلمته وينصر الإسلام والمسلمين آمين يا رب العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

- الحرس الوطني - القطاع الغربي



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد