Al Jazirah NewsPaper Friday  05/12/2008 G Issue 13217
الجمعة 07 ذو الحجة 1429   العدد  13217
بأقلامهم
أحسنوا إليها

تنظر إليها تلك المرأة على أنها آلة، بل في نظرها أنه لا ينبغي لها أن تستريح أبداً، ولا تدع لها الفرصة لكي تلتقط أنفاسها، ولا تطمئن أن تراها متوقفة بل ذلك يزعجها كثيراً !! وكأنها لا تعلم أن لدى تلك المرأة من الأحاسيس والمشاعر مثل ما لدى غيرها من البشر.

إنني أعني الخادمة التي للأسف نرى في كثير من المنازل من تكلفها بما لا تطيق من الأعمال وإهانتها بل وضربها، وغير ذلك، على سبيل المثال ربة المنزل قد تُكلِّف الخادمة بما لا تُطيقه، وقد ترفع صوتها عند وقوع أدنى خطأ، ونجد من ربات المنازل مَن تضرب الخادمة وتؤذيها بشتى أنواع الإيذاء، ولا يختلف الحال كثيرًا بالنسبة للأطفال؛ فتجد الطفل يقتدي بأمه؛ فيجعل الخادمة لعبة يلعب بها وقتما يشاء، حيث يناديها في كل دقيقة بأعلى صوته معلناً طلباته، بينما لا تبالي الأم بما يفعله طفلها مع الخادمة! وقد يزيد رب البيت الطين بِلَّةً؛ فيؤخِّر أجر الخادمة أو يقسمه لها على أقساط وأجزاء، بل قد يصل به الأمرُ في بعض الأحيان إلى إنقاص الراتب لحجج وأسباب واهية أو مُختلَقَة.

فعلى رب البيت ألا يؤخر أجرها أو يماطلها فيه، فقد حذر من ذلك النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- فقال: (قَالَ اللهُ تَعَالَى: {ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، وذكر من بينهم (رجلاً استأجر أجيرًا فاستوفى منه فلم يُوفِه أجرَه). أخرجه البخاري.

وليعلم أهل البيت الذين يُسيئون لها أنهم بفعلهم هذا قد أغضبوا الله -عز وجل- وعرَّضوا أنفسهم لعقابه، ثم ليعلموا أيضًا أنهم قد عرَّضوا حياتهم للخطر؛ فالخادمة هي التي تُعدُّ الطعام وتُنظِّف الملابس وترعى الأولاد، فهي في كثير من الأحيان تكون على علمٍ تامٍّ بخبايا المنزل وأحواله دقيقها وجليلها، إذن فالمجال مفتوح أمامها لكي تنتقم متى أرادت ذلك، وقصص الانتقام كثيرة فاحذري.

وكذلك على ربة المنزل أن تُحسن معاملةَ خادمتها، وعليها أن تتخيل نفسها في مكان الخادمة، فهل كانت ترضى بتلك المعاملة السيئة المليئة بالإهانة؟ فيجب عليك أختي أن ترفقي بها، وأن تُعلِّمي أبناءك كيفية احترام غيرهم وتقدير مشاعرهم، ويمكنك أختي أن تساعديها إذا ما رأيتِ الأعمال قد كثرت عليها، وكذلك عليك أن تتودَّدي إليها بما يُصلحها، فمثلاً عندما تذهبين للسوق يمكنك أن تحضري لها هدية، ولو كانت هدية متواضعة، تُسعدينها بها وتُنسيها بعضًا من همومها، وتأمنين جانبها، وتأسرين قلبها.

وأخيرًا: فلنستمع جميعًا إلى الصحابي أنس بن مالك - رضي الله عنه- وهو يروي لنا حال النبي -صلى الله عليه وسلم- معه، فيقول:: (والله لقد خدمتُه تسع سنين ما علمتُه قال لشيءٍ صنعتُه: لِمَ فعلتَ كذا وكذا، أو لشيءٍ تركتُه: هلا فعلتَ كذا وكذا). أخرجه مسلم.

جليس الساحة


Jalees55@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد