يستعد ضيوف الرحمن لبدء مناسك الحج بعد أيام معدودة، فالأحد القادم يوم عرفة، ويليه يوم العيد وأيام التشريق، وقد وُضعت كلُّ الاستعدادات لتسهيل أداء الحجاج العبادات في المشاعر المقدّسة، وتوفير كافة سبل الراحة والأمن لهم. وغالباً ما تتبادر إلى الأذهان الهواجس الأمنية والسلامة عند الحديث عن موسم الحج .. وهذا أمرٌ طبيعيُ للغاية، إذْ إنه من المعلوم أنّ موسم الحج يشهد أعظم تجمُّع بشري في العالم، كون ملايين الحجاج يتجمّعون في زمان ومكان محدَّدين، وهذا يضع على عاتق المملكة مسؤولية كبيرة بلا شك.
ومن أجل ضمان سلامة وأمن الحجاج، سخّرت المملكة كافة إمكانياتها الطبية والأمنية في جميع المشاعر المقدّسة .. فعلى سبيل المثال وضعت المملكة أكثر من 13 ألف ضابط وفرد مدرّبين على أعلى مستوى، وأكثر من ثلاثة آلاف آلية وثماني طائرات، وفْقَ خطط معدَّة سلفاً لضمان سلامة الحجاج، ولا سيما في الظروف غير الاعتيادية كهطول الأمطار الغزيرة على سبيل المثال.
ومن الاستعدادات أيضاً ما يشهده الجسر ومنطقة الجمرات من تطوير، لتكتمل منظومة الأمن والسلامة للحجاج.
هذا التطوير وصلت تكلفته إلى نحو أربعة مليارات ريال، لتبلغ الطاقة الاستيعابية لرمي الجمرات في كلِّ مستويات الجسر، حوالي 5 ملايين حاج في اليوم الواحد، وهو ما يُعَد من أبرز المشاريع التي شهدها الحرمان الشريفان والمشاعر المقدّسة خلال السنوات القليلة الماضية. ولكن قبل هذا وذاك، فإنّ الحجاج أنفسهم، مطالبون بأن يلتزموا بأنظمة السلامة، فالوقاية خيرٌ ألف مرّة من العلاج، وهذا حقيقة يعود لوعي الحجاج وثقافتهم.
وبالتالي، فإنّ الدول التي ينتمي إليها الحجاج، مطالبة بتقديم المعلومات الصحيحة لمواطنيهم حول كيفية أداء المناسك بسلامة وطمأنينة، والبُعد عن التدافع والتزاحم الذي يعرِّضهم والآخرين للخطر، فالحجُّ المبرور يتطلّب التعاون، والتآخي، والمساعدة، وليس التدافع والتزاحم، لأنّ ذلك يخلُّ بأخلاقيات الحج.
ومهما بلغت الاستعدادات من كثافة ودقّة، فإنّ وعي الحاج يبقى هو الحجر الأساس في ضمان سلامته، ونسأل الله لجميع ضيوف الرحمن حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً.