لقد سبّبت الأزمة المالية الراهنة هلعاً في العالم بأجمعه، ولم يقتصر الهلع على الدول المتأثرة بشكل كبير مثل أمريكا وأوروبا واليابان، بل شمل الداني والقاصين، مَن اقتصاده ضعيف ومَن اقتصاده متين، ومن أكبر الدول التي تعتبر اقتصادياتها متينة المملكة العربية السعودية بما تتمتع به - والحمد لله - من وفرة في البترول والمخزون الاحتياطي من النفط والاستقرار السياسي والوفورات المالية، بالإضافة إلى متانة الأنظمة.
إلا أنه رغم ذلك استمر الهلع لدى كثير من المواطنين والمقيمين، وأثر ذلك بشكل كبير على سوق الأسهم السعودية بشكل فاق الدول الأخرى التي هي فعلاً متأثرة بتلك الأزمة، والسؤال: لماذا هذا الهلع؟ ولماذا هذا التخوف؟ وقد طالب الكثير من الناس بالشفافية و(التطمين)، وظهر على الشاشات ومن خلال الصحف وجميع وسائل الإعلام محللون اقتصاديون يتحدثون عن هذه الأزمة، ويؤكدون بأن اقتصادنا ليس بالاقتصاد الضعيف الذي قد يتأثر بالآخرين بشكل كبير، ومع هذا استمر الهلع واستمر الهبوط في المؤشر، وكُرّرت المطالبات بوجوب ظهور المسؤولين عن الشؤون المالية والتحدث عن الوضع الاقتصادي للمملكة، وظهر معالي وزير المالية ومعالي محافظ مؤسسة النقد ومعالي نائبه ومعالي محافظ هيئة سوق المال، ومع ذلك ظل المؤشر يتذبذب صعوداً ونزولاً، إلا أن الكفة في نهاية الأسبوع كانت مائلة إلى الهبوط الشديد وهكذا. هل الناس ليس لديهم الدراية بما هو عليه اقتصادنا مقارنة بالدول الأخرى؟ أو أنه ليس لديهم الثقة الكافية بما يصرح به المسؤولون بل كبار المسؤولين في الدولة عن الشؤون المالية؟!
هذه الظاهرة خطيرة، ولا شك أن عدم الثقة هذه نابعة من كثرة الشائعات التي يكون لها هدف معين من أصحابها، هذا إذا لم تكن تصدر من جهلة أو مرجفين.
وبالأمس صرح أكبر شخص على رأس الهرم في المملكة سيدي خادم الحرمين الشريفين، وطمأن الناس والشعب السعودي والمقيمين والمتعاملين مع المملكة بأن اقتصادنا متين، ولا خوف عليه بإذن الله، ويجب الابتعاد عن الهلع غير المبرر، ويجب أن يكون هناك ثقة في سوقنا واقتصادنا.
وهنا أقول: ماذا تريدون بعد تصريح خادم الحرمين الشريفين، وهل في كل مرة تريدون مسؤولاً يصرح ويشرح ويحلل؟ وكما ذكرت سابقاً فآكثر المسؤولين عن الشؤون المالية قد صرحوا ولم تنفع أو لم يقتنع المتعاملون في السوق بما قالوه، أما الآن وكون الملك - يحفظه الله - يصرح بنفسه عن قوة الاقتصاد فيجب أن نضع ثقتنا باقتصادنا ونبتعد في تعاملاتنا عن الشائعات، ونتصرف على أساس الحقائق والأرقام والمعلومات الصحيحة عن متانة اقتصادنا.
أخيراً ثقوا بأن اقتصادنا متين وسياساتنا المالية قوية وتوكلوا على الله ولا تستمعوا إلى الجهلة أو المرجفين.