Al Jazirah NewsPaper Monday  01/12/2008 G Issue 13213
الأثنين 03 ذو الحجة 1429   العدد  13213
الرئة الثالثة
الأديب عبدالله ثابت.. الحاضر الغائب!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

يتمتع الأديب عبدالله ثابت بشخصية تتجسد فيها ألوان الطيف الجميل، و(يتتوأم) فيها العجب والإعجاب معاً لدى من عرفه أو عرف عنه شيئاً!

أما العجب فهو إصراره على الاعتكاف داخل أسوار نفسه المثقلة بالمر من الذكريات لأسباب لا يعلمها إلا الله ثم الراسخون في معرفته! ومن شاء أن يختلس النظر إلى تلك النفس الحاضرة الغائبة فليشرعْ بقراءة كتابه الشهير (الإرهابي 20) الذي بدّد من خلاله بعض سحب الجهل به في أذهان الكثيرين، ليحتل بسببه دائرة من الضوء الإعلامي والتميز الأدبي!

***

* وأما الإعجاب به فهو قدرته على اقتحام حواجز الزمان والمكان وقلاع الآلام بشجاعة مكّنته من إعادة اكتشاف نفسه وتثقيفها ثقافة أخرجته من نفق المعاناة إلى واحة الثقة وردّ الاعتبار وحب الحياة والأحياء! دون أن يفرّط بشيء من ثوابت دينه أو مسلمات خلقه!

***

* التقيتُ بعبدالله مراراً عبر السنوات الثلاث الماضية، وكنت في كل مرة أقرأ في عينيه (رسائل) يتقاسمها هاجس الخوف من أطلال ماضيه الذي كان، ثم إصراره على إعادة (تشكيل) عقله ووجدانه وأنماط حياته على نحو يربطه بالأسوياء من الخلق، ويئد في قاع اللاوعي أهوال طفولة وصبا الأمس الغابر الذي أجبره في وقت من الأوقات على (الهجرة) خارج أسوار نفسه.. متنكراً لها وللكثير مما يربطه بالحياة والأحياء من حوله، كما لو كانت هناك (قوة خفية) تتحكم فيه عن بعد قولاً وعملاً. ثم حل الفرج ذات يوم، وعاد عبدالله إلى وعيه أو عاد الوعي إليه، ليكتشف أنه كان يعيش في واد سحيق أوله وهم، وأوسطه سراب، وآخره ظلمات مفخّخة بالحقد المدمر على كل ما يزخر بالحياة والأحياء!

***

* كان (عبور) عبدالله من ظلمات الهلاك إلى واحة الفرج قصة تستحق أن تُروى، صوتاً وصورة وكلمة، بعد أن تمكن من الوقوف على قدميه منتصراً على (فتنة) وأدِ الذات التي ابتلي بها في غابر الأيام!

***

* من جهة أخرى، هناك قليلون يعرفون عبدالله شاعراً وكاتباً، أما الشعرُ، فأبرأ من التعليق عليه (لعدم الاختصاص)، وأما النثر فهناك نماذج من الكتابة قدمها عبدالله إلى المكتبة العربية يختصم حول بعضها نقاد ويتفق آخرون، غير أن كتابه (الإرهابي 20) ما برح يحتفظ بكأس التفوق الأدبي!

***

* أما من يقرأ الكتابات الأخرى للأديب عبدالله ثابت، فسيلاحظ بلا عسر توجهاً (سيرالياً) في أسلوبه وكثير من معانيه، هو أقرب إلى نجوى الذات ومنادمتها من أي شيء آخر، وقد أفصحتُ له عن ذلك غير مرة، ثم أهداني مؤخراً آخر إبداعاته بعنوان (كتاب الوحشة)، وهو مقطوعات نثرية صاغها بلغة الرمز الوجداني، فسحتُ في صفحاته بعض الوقت، ثم ألفيتُ نفسي أكتب له رسالة شكر ممزوج بشيء من (النقد) لكتابه، أنتخب من بين سطورها ما يلي:

* (.. استقبلت شاكراً إهداءك الجميل (كتاب الوحشة) بفرحة ذات مغزييْن.. أحدهما أنك لم تهجر الكتابة.. أو هي لم تهجرْك، فأنتما ثنائي حب أزلي.. لا تفترقان! وثانيهما، أنني بعد (سياحة) متأنية بين (حقول) هذا الكتاب.. استطعت أن أقطف من بعض (سنابله) متعة، ووقفت عند سنابل أخرى تائهاً محتاراً، بعد أن خانني الفهمُ الغادرُ، فلم أدرِ لفرط حيرتي، هل أطيلُ التأمل فيها.. أم أكمل البحث عن (سنابل) أخرى تردّ لفهمي بعض الاعتبار)!

***

* ثم ختمت الرسالة قائلاً:

(.. أرجو أن تواصل جولات إبداعك.. فتُهدي قراءك مستقبلاً لوحات من وجدانك أكثر وجدانية.. وأغدق حناناً، وأقل (سريالية) تعبيراً ومعنى، فأنا، ومعي كثيرون، يذيبنا الظمأ لزفرات وجدان مثل وجدانك عاش في كهوف المعاناة، وأدمى قدميه السير في وديانها وشعابها وكهوفها! فأنت تملك رصيداً من الألم تستطيع أن تحول بعض ذراته إلى لآلئ تسر الناظرين، ولا تحرجهم كما هو حالي..)!

***

وبعد..،

* فيا أيها المعنيون بالحرف الجميل.. تذكروا هذا الاسم جيداً (عبدالله ثابت) فهو أهل للمتابعة والاحتفاء!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5141 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد