أيّها الذاكرون لله كثيراً في رمضان والمجتهدون في طاعة الكريم المنان، أين أنتم بعد انقضائه؟! أين تلك الجموع التي تصلي بخشوع وتذرف الدموع؟! لماذا هجرتموني وتركتموني خلفكم ظهرياً؟! وتركتم تلاوة كتاب ربكم؟! أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! هل عرفتم ربكم في رمضان فعبدتموه؟! وبعد أن انقضى خاصمتموه وحاربتموه بالمعاصي؟! ما هذا العمل المخالف لسنة الله ولما خلقتم من أجله؟! ألا تخشون من العذاب الأليم حينما أطعتم الشيطان الرجيم وعصيتم الرحمن الرحيم! إنني حزين على فعلكم هذا، وأريد لكم الخير، وأتمنى أن تقبلوا نصحي وكلامي الذي دعاني له محبتكم، ومحبة النور والخير والإحسان لكم، لقد اجتمعتم في داخلي طيلة شهر رمضان وعشت معكم أحلى أيام الزمان متلذذاً بطاعتكم للرحيم الرحمن، تصلون وتسبحون وللقرآن تقرؤون بتدبير وخشوع لساعات طوال لكم دوي كدوي النحل، والدموع تنهمر منكم خوفاً ووجلاً وطمعاً فيما عند ربكم من رحمة وقبول للعمل، سهر وتعب، وتذلل دائبين على الطاعة ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً، يشهد لكم بذلك كل زاوية وركن من أركاني، وفجأة وبعد أن انطوت صفحات الشهر الكريم وانتهى بحسناته وسيئاته نكص الكثير منكم على أعقابهم وعادوا لهجري وقطيعتي وكأنهم لم يعرفوني ولا لحظة واحدة، فبئس القوم من هذا فعلهم! كيف عرفوا الله في رمضان وتنكروا له في غيره؟! كيف يصلون في رمضان فقط وبعده لا أراهم ألا يعلمون أن من علامات قبول عمل المسلم في رمضان هو الاستمرار على الطاعات بعده! إن رب رمضان هو رب بقية الشهور لو كانوا يفقهون ويدركون أن هؤلاء على خطر عظيم إن لم يتوبوا إلى خالقهم ويعودوا لطاعته، ولارتيادي لأداء الصلاة في أوقاتها مع الجماعة صفوفاً بداخلي ترهب العدو، وتسر الناظرين وتبهج الفؤاد فعودوا أيها الأحباب لبيتكم الذي فيه الخير العميم لكم، المسجد الذي أحبكم وأحببتموه، فالصلاة فيه مع الجماعة فيها الأجر الوفير للصغير والكبير من العلي الكبير، والتوفيق والفوز بالجنة والنجاة من عذاب السعير كيف لا ونبي الهدى والرحمة عليه الصلاة والسلام يقول لكم في الحديث: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة) وأنا بانتظاركم وأتشرف برؤيتكم والأنس بعملكم الصالح تقرباً لمليككم وخالقكم من أداء للفريضة، وللسن الرواتب، وقراءة للقرآن، وتسبيح وتهليل فعودوا لتعود أفراحي، ولتكملوا إخوانكم ممن يداومون على الصلاة في كل وقت وزمان في رمضان وغيره لتنالوا الدرجات العلى، ولتكونوا من عمّار بيوت الله بأنواع الذكر، ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثاً، لا تعرفون بارئكم إلا في المناسبات والأزمات، وهذه نصيحتي قدمتها لكم محبة وشفقة ورحمة بكم، فخذوا بها فهي نعم التجارة الرابحة التي تنجيكم من عذاب أليم في الدنيا ويوم العرض على الرب الكريم.
– الرس