فيما نلهث لتعلُّم اللغات الأخرى ونغلق حواسنا عن لغتنا فلا ينشأ أبناؤنا على حبها ولا على معرفتها.. نجد اللغة العربية في توقّعات المستقبل واستشراف الحضارة القادمة ستبقى من اللغات الأولى غير القابلة للفناء..
في كلمة مدير جامعة هانكوك ركّز على أهمية أن تتبنّى منذ أربعين عاماً جامعات كوريا تعلُّم اللغة العربية.. لأنّها اللغة الأقوى الأبقى.. وهل كانت غير ذلك وربّ الخلق أنزل بها كتابه وختم بها بيان رسالته؟..
حتى وأنت تجلس بجوار الصفوف الأولى بين أساتذتهم وطلاب دراساتهم وباحثيهم وأدبائهم والمهتمين بالشأن الحضاري والعلمي والمعرفي الثقافي.. تتعرّف أسماءهم العربية البديلة.. فتضطر أن تتحدث معهم بلغتك لا باللغة المهيمنة الثانية التي اكتسحت بقوة أهلها كل العالم، وأصبحنا في عقر دارنا حين نعطش نطالب بمائها وحين نجوع نناشد غذاءها.. بل أصبحت في حياتنا ومعاشنا معيار التوظيف والتعليم والنجاح والتنافس.. ؟
صورة مفارقة مدهشة .. كمن يكب بثروته في مستنقع ويسبح بصعوبة في بحور الجيران...!
أليس ذلك جهلاً منا..؟ ألسنا لا نزال على سجية بلهاء ونظرة عرجاء..؟ واندفاع كليل.. وقصر في النظر مسيجين بانبهاراتنا واقعين تحت سطوة اندهاشاتنا.. ؟
إنّ الحفاظ على اللغة العربية وجعلها لغتنا الأولى لا يتطلّب الانحصار وعدم الإقبال على ما سواها، بل المطلوب أن لا تتراجع مكانتها وألاّ يتخطّاها في معاييرنا لسان آخر، ثم تعلّموا ما شئتم وانفتحوا على لغات العالم ما دعتكم لذلك حاجات الواقع ومواكبة الحياة، وما جعلكم تستخلفون الأرض بعلم وإنجاز ووعي وإدراك، ولا يتم ذلك والمحطات تكتظ بالراحلين.