دبي - سايمون ويب -رويترز:
أضعف الانخفاض الحاد في أسعار النفط ثقة الدول المنتجة التي قد تواجه عجزاً مالياً محتملاً في العام القادم. لكن لا يزال من المتوقع أن تواصل الدول المنتجة الإنفاق لأطول فترة ممكنة، ويمكن للدول المنتجة الرئيسية في الخليج السحب من احتياطيات نقدية تراكمت أثناء انتعاش الأسعار.
وخسر خام القياس الأمريكي نحو ثلثي قيمته منذ قفز إلى أعلى مستوى له على الإطلاق والذي بلغ 147.27 دولاراً للبرميل في يوليو تموز. ويتوقع الكثيرون أن يظل السعر منخفضاً بفعل تراجع الطلب على الوقود؛ بسبب الضعف الاقتصادي العالمي. وقالت مونيكا مالك الخبيرة الاقتصادية لدى المجموعة المالية هيرميس القابضة في دبي: (اعتماداً على المستوى الذي ستستقر عنده الأسعار.. سنشهد تدهوراً في موازين المعاملات الجارية واعتدالاً في نمو الإنفاق وإعادة هيكلة المشاريع). لكن دول الخليج في وضع أفضل بكثير من البلدان الأخرى المصدرة للنفط، إذ إنها كانت أكثر حذراً في توسيع الإنفاق عندما كانت الأسعار في الاتجاه الصعودي.
وتواجه الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ضربة مزدوجة، إذ تتضرر أوضاعها المالية بسبب هبوط في حجم الصادرات وقيمتها أيضاً. وفي محاولة لموازنة التراجع في الطلب وتجنب مزيد من الهبوط في الأسعار يلتقي أعضاء أوبك اليوم بالقاهرة لإجراء مناقشات غير رسمية بشأن حجم خفض آخر في الإمدادات. وقال مشتاق خان، المحلل في سيتي جروب: إنه إذا بلغ متوسط سعر النفط 50 دولاراً في العام القادم فقد يصل العجز الخارجي للسعودية إلى أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي، وأنه حتى عند سعر قدره 75 دولاراً للبرميل فإنها ستحقق فائضاً صغيراً. وأضاف قائلاً: هذه ليست كارثة، لديهم أصول سائلة كثيرة تكفيهم لتمويل العجز. وإلى حد ما فإن حدوث العجز لن يكون سوى العودة إلى وضع كان مألوفاً إذ واجهت المملكة عجزاً متتاليا من 1983 إلى 1999.
وقال معالي وزير المالية السعودي إبراهيم العساف هذا الأسبوع: أنه لا توجد خطط حتى الآن لخفض الإنفاق. وأضاف قائلاً: (أتوقع أن يكون الإنفاق العام في 2009 أعلى مما كان في 2008... بالتأكيد لن يكون لانخفاض سعر النفط أي أثر على برنامج الحكومة للتنمية). لكن ما تغير هو الإقبال على المخاطرة. فقد هوت قيمة الأصول التي تملكها صناديق الثروة السيادية بسبب الانخفاضات الحادة في الأسواق المالية العالمية لاسيما الأسهم الأمريكية مما زاد من جاذبية استثمارات بديلة أخرى.
وقال بنك سامبا السعودي يوم الأربعاء الماضي: إن الدول الأقل اندماجاً في النظام المالي العالمي ستصبح أكثر جاذبية على الأرجح. ومن المرجح أن تركز الدول العربية الخليجية.. التي استثمرت 912 مليار دولار في أصول أجنبية على مدى السنوات الخمس حتى يونيو حزيران.. استثمارات جديدة تبلغ حوالي 430 مليار دولار حتى 2010 في الشرق الأوسط والصين وفي أوراق مالية أكثر أماناً. وفي حين لا تزال الاقتصادات الخليجية المعتمدة على النفط تشعر بارتياح نسبي، كما أن افتراضاتها المتحفظة لأسعار النفظ في الميزانية تترك لها هامشاً للخطأ فإن منتجين آخرين ينتابهم قلق أكبر. وخفض العراق السعر المفترض في ميزانيته إلى 62 دولارا من 80 دولارا للبرميل. ويحتاج العراق إلى استثمارات بمليارات الدولارات لإعادة بناء اقتصاده المدمر بعد سنوات من العقوبات والحرب. وإيران وفنزويلا بين منتجي النفط الأعلى صوتاً في المطالبة بأن تتحرك أوبك لدعم الأسعار. ويرى كثير من المحللين أن البلدين يعتمدان على أسعار قريبة من 100 دولار للبرميل. ويقول محللون: إنه في حكم المؤكد أن تخفض إيران ثاني أكبر المنتجين في أوبك الإنفاق في الميزانية التي تبدأ في مارس آذار إذا لم يعاود النفط الصعود إلى 70 دولاراً للبرميل أو أكثر.
وتملك فنزويلا احتياطيات تقدر بحوالي 40 مليار دولار يمكن أن تلجأ إليها إضافة إلى خطوط ائتمان من حلفاء مثل روسيا. وتعهد الرئيس هوجو تشافيز بزيادة الإنفاق الاجتماعي لكنه حذر أيضاً من أن بعض التقشف ربما يكون ضروريا مع انخفاض النفط عن السعر المفترض في ميزانية 2009 والبالغ 60 دولاراً للبرميل.