Al Jazirah NewsPaper Saturday  29/11/2008 G Issue 13211
السبت 01 ذو الحجة 1429   العدد  13211
سياسة السوق المحروقة والحرب النفسية
فضل بن سعد البوعينين

لماذا لا تتوحد القاعدة التي تنطلق منها جميع التفسيرات الاقتصادية الوطنية؟ حقائق مسلَّم بها، لا يُقبل الحياد عنها. هل يعاني اقتصادنا الوطني من مشكلات حقيقية؟ وهل تأثر تأثراً حادًا بالأزمة العالمية؟ وهل هناك نقص في السيولة المتاحة، أو خطر يهدد المصارف السعودية؟ هل تأثرت احتياطاتنا النقدية بالأزمة العالمية؟ وهل يمكن أن تخفض الحكومة سياسة الإنفاق على المشروعات للثلاث سنوات القادمة؟. الجواب قطعاً لا.. وهو ليس جوابي، وإن كنت موقناً به مؤمناً بصحته، ولكن جواب الجهات الرسمية الموثوقة بدءاً من المجلس الاقتصادي الأعلى، مروراً بمجلس الوزراء الموقر وانتهاء بوزارتي المال والاقتصاد ومؤسسة النقد العربي السعودي، وآراء بعض المختصين المحايدين.

طالما أن الأمر كذلك، فما الذي يحدث في سوق الأسهم؟ ولِمَ هذا الهلع غير المبرر؟ ولماذا تخسر سوقنا أكثر مما خسرته الأسواق التي ظهرت فيها بؤر الفساد وطال شركاتها دمار الإفلاس؟ وهل أمر تدهور السوق واحتراق مدخرات المستثمرين أمر مقبول؟ أسأل دون أن أجيب، وأعجب ممن يؤمن بسلامة الاقتصاد، ويمتنع عن تشكيل فريق طوارئ لحماية سوق الأسهم من آثار الأزمة الظالمة، أو أن يضخ فيها أموالاً تساعدها على الصمود، وتحصنها من خسائر قادمة لا يعلم مداها إلا الله.

هناك تناقض عجيب يحدث على الساحة المحلية، فعند الحديث عن الاقتصاد الكلي تنطلق سمفونيات (بيتهوفن) العذبة المهدئة للأعصاب، الباعثة على التفاؤل، وعند الحديث عن سوق الأسهم لا نستمع إلا إلى قرع الطبول، و(شيلات الزار) المفجعة!!. العدل والتوازن مطلوبان في كل شيء، فإما أن يكون اقتصادنا سليماً ومتيناً وبعيداً عن انعكاسات الأزمة بمكوناته الكلية وقلبه النابض (سوق المال)، وهو ما نجزم به، وإما أن يكون متضرراً فنقبل حينها على مضض بتداعيات سوق الأسهم.

هناك من يصر على تحديد قيعان سحيقة للمؤشر ويستخدم الحرب النفسية لإقناع المتداولين بها والوصول لها عن طريق الإيحاء حيناً، أو الضغط النفسي المدعوم بهزات السوق العنيفة أحياناً أخرى. وهناك من يربط السوق السعودية بالأسواق العالمية في حال الانهيار فقط، وينفذ سياسة الأرض المحروقة على سوق الأسهم دون أن يُواجَه بخطط دفاع مضادة من قِبل المسؤولين عن السوق. خطط الدفاع والتحوط ، والشفافية المليئة بالحقائق والأرقام يمكن أن تهزم الحرب النفسية التي يروّج لها المغرضون ممن لا يكترثون بمصلحة الوطن والمواطنين. بعض المستثمرين، المضاربين، المحللين، والمنتفعين من السوق يطبقون القول الشعبي (لا سَلَمْت أنا وناقتي، ما عَلَي من رفاقتي) ويتناسون قول الرسول، صلوات الله وسلامه عليه، (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

يُعتَقد أن تراجع السوق السعودية إلى مستويات ما قبل 2004 ربما أوحى بعدم توفيق المسؤولين عن الشأن المالي، النقدي، الاقتصادي، والسوق المالية في تدعيم قواعدها وتنمية مكتسباتها وجعلها المستفيدة من نمو الاقتصاد؛ لا المتضررة الوحيدة، والمتخلفة عن ركب النمو في عصري الرخاء، والشدة.



f.albuainain@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد