Al Jazirah NewsPaper Saturday  29/11/2008 G Issue 13211
السبت 01 ذو الحجة 1429   العدد  13211
سبل إعادة الثقة في سوق الأسهم السعودي
الدكتور سعود عبدالعزيز المطير

طالت فترة الانتكاسة في سوق الأسهم؛ إذ قاربت ثلاث سنوات، وهو من سيئ إلى أسوأ، حتى وصل الأمر إلى ما يُعرف بكارثة سوق الأسهم السعودي التي تبرز معالمها في:

* مجموعة كبيرة من الأسهم تُباع بأقل من قيمتها الاسمية.

* مجموعة من الأسهم تُباع بأقل من قيمتها الدفترية.

* مجموعة كبيرة من الأسهم تباع بأقل من سعر الاكتتاب حتى الأسهم التي بدون علاوة إصدار.

وتعود أسباب تفاقم الأزمة إلى ما يأتي:

1- انعدام الثقة بالسوق، وتزايد روح التشاؤم لدى المتداولين بسبب طول فترة الانهيار وشدة وطأته وإفلاس الكثيرين.

2- تسارع البنوك في تسييل محافظ المقترضين الذي بدوره تسبب في تفاقم الأزمة وتفشي الذعر لدى المتداولين.

3- انعدام وجود صانع فعلي للسوق؛ حيث إن غالبية المتعاملين في السوق هم من الأفراد (حوالي 90%)، فهم المؤثر الرئيسي عليه حالياً، وترك السوق لسيطرة الأفراد هو خطأ فادح سيؤدي إلى استمرار التقلبات والتذبذبات الحادة في السوق.

4- ثم حدوث الأزمة المالية العالمية وردة الفعل المبالغ في تقدير تأثيرها على السوق، ونتج عن ذلك آثار نفسية سيئة على سوق الأسهم؛ ما جعل مؤشر سوق الأسهم السعودي ينحدر إلى معدلات تاريخية قرابة 4000 نقطة، ولاسيما إذا نظرنا إلى المؤشر الحالي الممثل لأكثر من 125 شركة، الذي لا يمكن مقارنته مع مؤشر ما قبل خمس سنوات، والذي يمثل حوالي 73 شركة. ناهيك عن تزايد القيمة الرأسمالية حالياً لبعض الشركات ذات التأثير القوي في المؤشر مقارنة بوضعها السابق في ذلك الوقت.

وسائل إعادة الثقة:

لأجل خروج السوق من كارثة نزيف السوق للنقاط وإيقاف حمام الدم المتواصل لا بد من اتخاذ إجراءات قوية وشجاعة، لعل من أبرزها:

1- تفعيل صندوق خادم الحرمين للاستثمار في الأسهم الذي سبق وأعلن عنه خادم الحرمين بعد انهيار فبراير 2006م؛ حيث يكون له رأسمال كبير ممول عن طريق الدولة، ويتم الاكتتاب بجزء من رأس ماله من قِبل الأفراد. كما تضمن الدولة رأسمال المساهمين حتى يحسّن ذلك من الوضع النفسي المتردي للمتداولين ويعيد الثقة بالسوق، ولاسيما أنه في الوقت الحاضر لن يكون هناك أي إقبال على الاكتتاب في أي صندوق ما لم تضمن الدولة رأس المال؛ وذلك لأن سمعة الصناديق سيئة، ولا يمكن طرح صناديق جديدة واستقطاب رؤوس أموال بعدما حدث خلال الستة أشهر الأخيرة. ويمكن لصندوق خادم الحرمين أن يقوم بدور صانع للسوق، يحفظه من التقلبات الحادة التي لا مبرر لها، ويحميه من مزاجية تعاملات الأفراد. ليس هذا فحسب بل إن الوقت مناسب جداً للدولة والأفراد للدخول في مثل هذا الصندوق؛ لأن الأسعار مغرية ودرجة المخاطرة منخفضة جداً، بل إن الفرصة مناسبة لتحقيق أرباح كبيرة، لعلها تعوض المتداولين جزءاً من خسائرهم التي لحقت بهم من جراء تدهور الوضع في سوق الأسهم.

2- منع البنوك من الاستمرار بتسييل المحافظ خاصة في هذا الوقت العصيب إلى أن يستعيد السوق الثقة ومن ثم يعاد النظر في وضع ضوابط تمويل البنوك لعملائها لشراء الأسهم بما يسهم في استقرار السوق لا بتذبذبه كما هو شأن البنوك في الوقت الحالي.

3- السماح للشركات المدرجة بالسوق والراغبة في الشراء من أسهمها والواثقة من نشاطها الحالي والمستقبلي، التي تعتقد أن سعر سهمها الحالي أقل من السعر العادل له، بشراء نسبة معينة من أسهمها، وفق ضوابط وشروط معينة تحددها هيئة سوق المال؛ وذلك لتعزيز الثقة بأسهم الشركة وتحسين وضع السيولة بالسوق.

4- قيام صندوق المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات بالإعلان المسبق عن الرغبة في الدخول بالشراء؛ حتى يعطي عامل تحفيز وثقة بالسوق؛ حيث لا تكفي فقط عملية الدخول بالشراء.

5- إفصاح كل شركة من الشركات المدرجة بالسوق عن المستجدات المالية على نتائجها وقوائمها المالية وعن نشاطها المستقبلي وأرباحها المتوقعة والتأثيرات المحتملة للأزمة المالية العالمية على نشاطها؛ لتكون الصورة المستقبلية واضحة لدى كافة المتعاملين.

6- النظر في تجزئة الأسهم؛ حيث تكون القيمة الاسمية للسهم ريالاً واحداً بدلاً من عشرة ريالات، وهذا سيسهم في خروج السوق من الجفاف في السيولة وإنعاشها من جديد.

7- فتح نسبة ارتفاع الأسهم في حالة الصعود لتكون بحدود 15% وتخفيضها في حالة النزول لتكون بحدود 5%، وذلك لفترة مؤقتة حتى يسرّع السوق في استرداد عافيته ووصول أسعار الأسهم إلى أسعارها العادلة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعوض المسلمين خيراً، وأن يرزقهم من حيث لا يحتسبون، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلّم على نبينا محمد.

كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
saud2@w.cn



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد