ينبغي ألا نضيق ذرعاً من ظاهرة بيع القمصان الشبابية التي تحمل أسماء أبطال المسلسلات التلفزيونية الشهيرة والنسائية، منها على وجه الخصوص كـ(بلوزة لميس).. فالأمر ليس جديداً، فقد عشنا في الماضي مثل هذه الظاهرة، إذ إنني وجيلي يذكرون أسماء لأنواع من الأقمشة والفساتين تحمل أسماء رائجة لأغاني ومسلسلات لاقت الرواج وقتها.. استغل موردو وتجار الملابس النسائية شعبية تلك الأعمال ليطبعوا أسماءها على بضائعهم بهدف تجاري محض. ففي أواخر الثمانينيات الهجرية ذاع صيت (فستان) ذي ألوان صارخة يحمل اسم (حبك سباني)، وهو عنوان لأغنية شهيرة أحدثت ضجة حينها مما أدى إلى منعها من الأسواق للفنان الكبير (طلال مداح) غفر الله له.. وكان مطلعها:
(حبك سباني وأنا جسمي نحل!!).
والمنع لم يكن لنحول الجسم، بل لبعض الكلمات المثيرة التي حملتها الأغنية والتي راح الشباب يتبادلونها بسرية تامة.
ولا بأس أن أذكر موقفاً طريفاً حصل من أجل هذه الأغنية أمامي.. فقد جاء رجل قروي (من ربعنا) بزوجته إلى أسواق (برحة القزاز) في الطائف المأنوس سقى الله أيامه.. بغية شراء بعض الملابس النسائية، ويبدو أن ذلك (الفستان) قد شدَّ انتباه الزوجة بألوانه المثيرة.. فسألت البائع عن سعر الفستان.. فقال البائع:
- أي فستان؟ تقصدين (حبك سباني)!
وما أن سمع الرجل ذلك حتى اندفع نحوه ظناً منه أن البائع يتغزل بامرأته، وأخذ يهدده ويتوعده، ويصرخ فيه:
حبك (برص) يا ابن الـ(....) والله لولا الرجال -يقصد الذين أمسكو به- لأقطع لسانك!
أيام يا رعاها الله!
إذن.. الظاهرة ليست وليدة اليوم. وبما أن المسلسل (التركي) قد شدَّ الناس ونال إعجابهم بحيث أصبح نجماه (لميس ونور) محط إعجاب شريحة من المتابعين خصوصاً الشباب منهم، لذلك لا أرى ضرورة للمنع والمصادرة.. يكفي أن تمر السنون حتى تختفي الظاهرة كما كان الحال لفستان (حبك سباني) الذي لم يعد أحد يذكره!
واللافت أن ظاهرة الإعجاب بالفنانين وأعمالهم لم تقتصر على المستلزمات النسائية بل تعدتها إلى المركبات بأنواعها. فقد قرأت أن السائقين في اليمن الشقيق يطلقون على مركباتهم أسماء لفنانات.. كـ(ليلى علوي)!
وأظن أن ذلك يعطينا مؤشراً لثقافة بعض الشرائح في المجتمعات العربية، ومدى تأثرها بما يطرح من خلال وسائل الإعلام المختلفة، عدا عن قدرتها في صياغة مفاهيم حياتية معينة.. لا نجدها في الغرب مثلاً.
ففاتنة (هوليوود) الشهيرة (مارلين مونورو) ذات العينين المدمرتين، والجمال الفينوسي الأخاذ.. لا تشكل لدى الأمريكي أكثر من كونها ممثلة جميلة متقلبة المزاج، والحال يسري على (جوليانا) أو (برجيت باردو) الفرنسية التي سرقت إعجاب الشباب وقتها، قبل أن تسرقها الحيوانات والتي نذرت نفسها للدفاع عنها.. بعد أن أفل نجمها، وذبل وهجها.
المستهلك العربي -كما أرى- ضحية لمفاهيم مشوهة تقذفها وسائل الإعلام صباح مساء دون أن تأخذ في الاعتبار قيمه المجتمعية، ونمط حياته القائم على الازدواجية.. بين ما يراه وما يؤمن به.
(بلوزة لميس) حالة عابرة ينبغي ألا نعطيها هذا الاهتمام.. بل علينا أن ندعها تمر، فالزمن يمضي سراعاً، وهو وحده الكفيل بطي (بلوزتها وبلوزات) غيرها!!
ALASSERY@HOTMAIL.COM