Al Jazirah NewsPaper Friday  28/11/2008 G Issue 13210
الجمعة 30 ذو القعدة 1429   العدد  13210
صندوق الحكايات
الإمبراطور الصادق

عندما بلغ أحد أباطرة الشرق من العمر عتياً قرر اختيار خليفته، وخلافاً للعادة لم يختر الإمبراطور أحد مساعديه أو أحد أبنائه لتولي هذا المنصب, فقد قرر شيئاً جديداً لم يألفه أحد من قبل ولا من بعد, فقد جمع الإمبراطور الشباب الصغار في المملكة في مكان واحد, وقال بصوت حكيم: لقد حان الوقت لاختيار إمبراطور البلاد القادم وقد قررت أن يكون هذا الإمبراطور واحداً منكم.

أعطى الإمبراطور لكل شاب بذرة خاصة وتابع قائلاً: أريد من كل منكم أن يزرع بذرته ويرويها بالماء بدءاً من اليوم وسألقاكم بعد سنة من الآن لاختيار الإمبراطور الذي سيكون واحداً منكم عندما أرى النبتة التي غرسها كل منكم كيف نمت وكيف أثمرت.

كان من بين الشباب فتى اسمه: (لنج) أخذ البذرة وعاد فرحاً يروي لأمه ما حدث، على الفور ساعدت الأم ولدها الصغير لزراعة البذرة والاعتناء بها فمن يدري فقد يصبح ولدها إمبراطور البلاد القادم, وفي كل يوم كان لنج يروي البذرة متأملاً التربة ليرى إذا ما بدأت البذرة في النمو أم لا, بعد ثلاثة أسابيع بدا الشباب الآخرون في الحديث عن بذورهم وعن نباتاتهم التي بدأت تبزغ, وظل لنج يتأمل نبتته باستمرار لكن النبتة لم تظهر ولم تنم من تحت التراب! مضت أربعة أسابيع ثم خمسة وستة والناس يتحدثون عن نباتاتهم ولنج يشعر بالفشل لأن نبتته لم تنبت أبداً, فأيقن لنج أنه قتل نبتته فالجميع لديه شجيرات طويلة وكبيرة ولنج ما زال يراقب نبتته عسى أن تبدأ في النمو.

بعد ما انتهت السنة جاء الجميع إلى قصر الإمبراطور ومعهم أشجارهم اليانعة وعندما حظر الإمبراطور ألقى نظرة على النباتات وهنأ الشباب على زراعتهم ورعايتهم لنباتاتهم وعلى ما جنت أيديهم، وبالطبع لفت نظره الإناء الفارغ فأمر بإحضار لنج الذي كان يحاول إخفاء شجرته التي لم تنم, وكاد يختفي خلف الشباب الأكبر سناً والأفرع الطويلة للأشجار, وقف لنج أمام الإمبراطور مرتعشاً مرتعداً والرعب يقتله والخزي يكاد يملأ عينيه، وكان يخشى أن يأمر الإمبراطور بقطع رقبته, لكنه تماسك قليلاً, قال له الإمبراطور: ما اسمك؟ فقال: لنج، فطلب الإمبراطور من الجميع الهدوء، ثم قال: حيوا جميعكم إمبراطوركم الجديد واسمه: ( لنج).

لم يصدق لنج ولم يستوعب ما حدث! فنبتته لم تنم على الإطلاق فكيف فاز على كل هؤلاء؟ ثم تابع الملك قائلاً: منذ سنة أعطيت لكل منكم بذرة وطلبت منكم زراعتها ورعايتها ثم تحضروها لي اليوم ولكني لم أقل لكم إنها بذور تالفة ومغلية لا تنمو أبداً, كلكم ما عدا لنج تحايلتم وكذبتم وأحضرتم نباتات وأشجاراً وزهوراً عندما ظن كل منكم أن نبتته لا تنمو, وعندما اعتقدتم أن الغش قد يجعلكم أباطرة, أما لنج فهو الوحيد الذي زرع البذرة التي طلبت زراعتها بالفعل وقد أثبت أمانته بصدق وشجاعة، ولهذا فقد عينت لنج إمبراطوراً .. وهكذا عندما نزرع الكذب والخداع نجني الفشل والخيبة وعندما نزرع الحب والإخلاص نجني النجاة والحب والتقدير فاحذر وأنت تزرع فما تزرعه اليوم تجنيه غداً فأنت وحدك من تحدد ما ستجنيه في الغد.






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد