تقرير د. حسن أمين الشقطي
أغلقت سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 4424 نقطة خاسرة حوالي 9% من قيمتها لتصل خسائرها خلال أسبوعين فقط إلى 20% تقريبا.. وهو مستوى أسفل المستوى الذي طالما نوهنا عنه في الماضي (4444 نقطة).. فمنذ 6 شهور كان يعتبر البعض أن الحديث عن وصول المؤشر إلى هذا المستوى ضربا من الخيال.. ولكنه حدث بالفعل.. وإذا استمر التدهور الاقتصادي العالمي.. فإن المؤشر مؤهل لكسر الـ 4000 نقطة بسهولة ولن يكون هناك مجال للعتاب أو التعويل على أحد في مساندة المؤشر.. إنه وضع عالمي وليس محليا، وأسعار النفط تترك تداعيات غير تفاؤلية على السوق المحلية رضينا أم أبينا.. فسوق الأسهم أكثر المتأثرين بتكهنات أحجام الإيرادات والنفقات في الميزانية الجديدة في ظل اضطراب الإيرادات النفطية المحتملة في 2009م.. ولسوء الحظ فإن الأزمة العالمية تؤثر سلبا في قطاع المصارف كما أن أزمة سوق النفط تؤثر سلبا في قطاع البتروكيماويات، وهما القطاعان القائدان للمؤشر.. وبالتالي فإن توقف نزيف المؤشر مرتبط بخروج أحد هذين القطاعين من أزمته.. وقد غرقت السوق هذا الأسبوع في العديد من الأزمات الفرعية الجديدة، أهمها التكهن باستمرار تسييل محافظ كبار المستثمرين، وانحصار التوزيعات النقدية للعديد من الشركات، والشركات المعرضة لوصول خسائرها إلى 75% وبالتالي احتمال إيقاف التداول عليها.
18 سهما تتداول تحت القيمة الاسمية
هذا الأسبوع برزت ظاهرة الأسهم التي تتداول بأسعار تقل عن 10 ريالات وهو أمر غير متوقع، حيث وصل عددها إلى 18 سهما.. أبرزها الكهرباء وكيان والتعمير وأعمار ونماء.. ومن جانب آخر، فقد تزايد أعداد الشركات التي تتداول تحت مستوى الـ 20 ريالا إلى ما يزيد على نصف شركات السوق، أبرزها دار الأركان وبترو رابغ وسبكيم. والشركات التي تتداول بأسعار تزيد على 100 ريال لم يتجاوز ثلاث شركات هي جرير والمصافي والمراعي. وهذا يظهر مدى الانحدار الذي أصاب السوق خلال شهور قليلة، حيث كانت كل شركات السوق تقريبا تزيد قيمتها السوقية على 20 ريالا، وكان منها 54 شركة تزيد قيمتها السوقية على 50 ريالا.
من جانب آخر أيضاً فقد وصل سعر سهم المملكة إلى 4.5 ريال.. وهنا نتساءل: ماذا سيحدث إذا حدثت تجزئة جديدة.. هل يتداول السهم عند بضع هللات؟
المصدر الأهم للأرباح في السوق
خلال الشهر الحالي طغت على السطح من جديد الشائعات الدافعة لخلق توجهات إيجابية للمؤشر بشكل غير منطقي، فالبعض يروج أن هناك أمورا في الطريق وأن الجهة كذا ستتدخل وأن طرفا جديدا سيدخل أو ان هناك مستثمرا قويا سيشتري، وللأسف فإن هذه الشائعات تؤثر في كثير من المتداولين وتدفعهم إلى اتخاذ قرارات غير حكيمة تزيد من حجم خسائرهم.. وينبغي أن نعلم ببساطة أن السوق بها الآن فرص مغرية فعلا، ولكنها للاستثمار طويل المدى.. وينبغي معرفة أن الأزمة العالمية قد تزداد حدتها خلال الـ 6 اشهر المقبلة وستترك تداعيات على كل المستويات بما فيها سوق الأسهم.. لذلك، ينبغي أن يحدد كل مستثمر استراتيجيته بدقة.. هل هو يتطلع إلى المضاربة أم الاستثمار؟ وهل هو قادر على الدخول في السوق الآن وتحمل درجة المخاطرة الحالية؟ وهل يمتلك الخبرة الكافية للتداول في ظل الارتدادات الخاطفة التي تحدث في المؤشر كل حين ؟ إن الوقت الحالي ليس مناسبا لأصحاب التداول بناء على اتصالات الجوال من هنا أو هناك.
فيبكو الرابح الأكبر.. والبتروكيماويات تتصدر الخاسرين
خلال الشهر الحالي.. ظهر بعض الرابحين في السوق على رأسهم فيبكو التي ربحت 43%.. وخلت قائمة الرابحين تقريبا من القطاعات القائدة للمؤشر سواء بتروكيماويات (باستثناء كيمانول) أو مصارف.. وبالمقابل سجل قطاع البتروكيماويات أعلى خسارة.. حيث بلغت معدلات خسائر كل من سابك والتصنيع والمتقدمة حوالي 35%.. تلتها الشركات الأخرى بنسب أقل ومتفاوتة.. بشكل يتضح أن هبوط المؤشر العام كان بقيادة هذا القطاع.. كما أن استمرار تراجع أسعار النفط سيوجد المزيد من التكهنات السلبية بتوقع تراجعات جديدة للسوق أيضاً بفعل هذا القطاع الذي انكشف أنه كان متضخما في ظل عنصرين : علاوات الإصدار التي صدر بها، وخاصة أن نصف شركات القطاع (6 شركات) تعتبر شركات حديثة العهد بالسوق تقريبا.. أما العنصر الثاني، فهو نتيجة أن هذه الشركات الجديدة تم بناء استراتيجياتها على أسعار النفط المرتفعة.
سابك تسهم بثلث خسائر المؤشر
تراجع سهم سابك من 105 ريالات في أول أكتوبر إلى 45 ريالا حسب إغلاق الأربعاء أي خسر 57% من قيمته على مدى أقل من شهرين .. بشكل أدى إلى خسارته حوالي 180.8 مليار ريال من قيمته السوقية، وذلك بفعل التداعيات السلبية التي خلفها التراجع الحاد في أسعار النفط خلال هذه الفترة.. إلا أن الأمر لم يقتصر على خسارة سابك، بل إن سابك قادت خسارة هائلة في رسملة السوق وصلت إلى حوالي 602 مليار ريال.. ومن أكثر الأمور المؤثرة حالياً في نفسية المتداولين هو أن الجميع يعلمون أن الحكومة تمتلك 70% من أسهم سابك، أي أن الحكومة تعرضت لخسارة كبيرة وصلت إلى حوالي 126.5 مليار ريال.
قطاع التأمين يخسر 78% خلال عام2008
من الأمور التي لا يمكن تصورها أيضاً حجم السقوط الذي ضرب أسهم التأمين، فقد سقط سهم سايكو من 170 إلى 16 ريالا، أي أنه خسر 89% من قيمته.. وسقط الأهلي تكافل من 172 إلى 26 ريالا وسقط سهم الأهلية من 140 إلى 16 ريالا وخسر القطاع ككل حوالي 78% من قيمته منذ بداية العام.
خطورة الحديث عن تسييل المحافظ
تسييل محافظ تعني ببساطة فقدان المستثمر لأي أمل في تعويض خسائره.. فالبنوك أحيانا تتحين الفرص لتقديم التسهيلات المغرية لمستثمري الأسهم خصوصا، ولا تدع فرصة إلا وتروج لتسهيلاتها الميسرة والمجانية في أوقات انتعاش السوق.. وقد كثر الحديث في الوقت الحالي عن احتمالات حدوث تسييل إجباري ومفاجئ لبعض المحافظ بشكل يجعل الخسارة العادية بمثابة خسارة نهائية وغير قابلة للتعويض.. بل إن هذا التسييل يجعل كثيرا من المستثمرين يخرجون خاويي الأيدي نتيجة خسارتهم نسبا كبيرة في السوق، هذه النسب ليست في أموالهم فقط ولكن في أموالهم الذاتية وفي التسهيلات أيضا.. وبالتالي عندما ينتزع البنك تسهيلاته من المستثمر بالتسييل، فإنه قد يصل إلى حد انتزاع كامل السيولة المتبقية في المحفظة، التي أحيانا لا تكفي ويخرج المستثمر مدينا للبنك..
فهل يعقل أن يخرج مستثمر كان يمتلك 10 ملايين ريال من السوق مدينا لبنك معين ربما ببضعة ملايين؟ في اعتقادي أن كل بنك عندما يقوم بتقديم تسهيلات لمستثمري الأسهم فإنه يدرك أنه مقبل على إقراض ذي مخاطرة عالية، وفي ضوء معرفة أن أرباح البنوك تكون مرتفعة في هذه التسهيلات، فإنه ينبغي على البنوك أن تتحمل بدورها جزءا من هذه المخاطرة والامتناع عن التسييل أثناء فترات تراجع المؤشر.
عين على الأزمة العالمية
ينبغي أن نضع نصب أعيننا حدود الأزمة العالمية.. فمؤشر نيكي تحرك ما بين 16108 إلى 6995 نقطة خلال الـ 52 أسبوعا الأخيرة وآخر إغلاق عند 8213 نقطة (حسب إغلاق الثلاثاء).. أي أنه خسر حوالي 49% من قيمته.. أما مؤشر بورصة داو جونز الصناعي تحرك خلال العام الأخير ما بين 13850 إلى 7392 نقطة وآخر إغلاق له عند 8479 نقطة أي أن المؤشر خسر تقريبا حوالي 39% من قيمته.. أيضاً مؤشر ناسداك خسر حوالي 46% من قيمته.. ولعل خسائر السوق السعودية تسير على منوال مشابه لخسائر بورصة اليابان التي تعد أحد أبرز البورصات الآسيوية سريعة التأثر بأي مستجدات في الاقتصاد العالمي.
أسبوع ما قبل الإجازة
رغم أن هناك أخبارا إيجابية هذا الأسبوع تمثلت في تصريحات وزير المالية حول توقع زيادة النفقات وعدم تأثرها بتراجع أسعار النفط، إلا أن السوق أبت أن تستجيب لها بشكل فعال.. وعليه، فإن الأسبوع المقبل يتوقع أن يستمر فيه تذبذب المؤشر مع ميل للهبوط، إلا أن نهاية الأسبوع لا يتوقع أن يتماسك فيها المؤشر تحسبا لحدوث عمليات بيعية استبقائية لإجازة العيد، وخاصة أن إجازة العيد الماضية كانت سلبية تراكم فيها كم كبير من الأخبار السيئة انعكست سلبا على أداء المؤشر بعد افتتاح التداول بعد العيد مباشرة.
* محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com