كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة والنصف من ظهر يوم السبت الموافق 10-11-1429هـ، تلقيت اتصالاً من أخي أحمد قال فيه: هل علمت بما حدث لجدي؟ قلت: هل مات؟ قال: نعم. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
مات، فمات حَسُن الخلق، كريم الطبع، حسن المعشر، ممدوح السيرة، طيب السجايا، مصلح ذات البين، معين الفقير.
يا جدي: أحسبك من أهل الخير - ولا أزكي على الله أحداً -
فكم من مدينٍ قضيت دينه!
وكم من جائعٍ أشبعته!
وكم كسيرٍ جبرت كسره!
وكم من مهمومٍ فرجت همّه!
أبشر بخير فستجدها عند الله تبارك وتعالى في يوم ولا ينفع فيه مالُ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وكل ذلك بفضل ما أعطاك الله في وقت كان عسيراً وشحيحاً على الناس، لا يجدون فيه طعاماً ولا شراباً، فكنت مأوى لكثيرٍ من الرجال، ومحطة يتزودن فيها ولكن بلا مقابل وإنما ترجو رضا الله.
ملكت المال والجاه والقيادة الحكيمة التي شهد لك بها الجميع، وكنت صاحب رأي سديد. له ثقله ومكانته، والقصص في هذا الشأن كثيرة.
كنت ولا تزال محل تقدير الجميع الذين شهدوا لك بالخير وهم شهداء الله في أرضه ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه والذي رواه الإمام البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يوماً جالساً بين أصحابه، فمرت جنازة فأنثى الناس على صاحب هذه الجنازة خيراً فقال صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت ثم مرت جنازة فأثنوا عليها شراً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت فقالوا ما وجبت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أما الأول فأثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وأما الثاني فأثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في أرضه).
ذهبت وتركت في أسرتنا فراغاً كبيراً، أسأل الله أن يعوضنا فيك، وأن يجبرنا في مصيبتنا، وأن يربط على قلوبنا ويجمع كلمتنا ويوحد صفنا.
كل من عرفك وسمع باسمك ذكرك بخير، وذكرنا يا أحفادك بخير، وما الجموع التي حضرت الصلاة عليك وشاركتنا في تقديم العزاء إلا أكبر دليل على ذلك.
مات جدي الذي ربانا في مدرسته. مدرسة التقى والكرم والجود والشهامة والإصلاح بين الناس.
مات جدي ولكن: لا زال حياً، تقى وكرماً وشهامةً وجوداً وذكراً وإصلاحاً.
مات جدي وهو في قبره الآن بحاجة إلى الدعاء فلا تنساه من صالح دعائك وأبشر فلك مثلها.
مات جدي: متعب بن حنس العضياني.
الدوادمي