زاد في الآونة الأخيرة أعمال الخير من خلال الجمعيات الخيرية وكذلك رجال الأعمال، وهذا يعتبر تجسيداً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى الذي أوجد تفاعلاً في المجتمع بين الغني والفقير، وراح يزرع الأمل في نفوس وقلوب منكسرة ومحرومة ومسكينة كانت تعيش في كفاف وتعاني قلة ذات اليد، فأصبحت بدعم الخيرين في حال أفضل. فنقول لهؤلاء الخيرين جزاكم الله الخير، ونتمنى أن تزداد تلك الأعمال الخيرة مع الوقت وأن تذهب لمستحقيها الذين هم في أمسّ الحاجة إليها، فنحن نلاحظ أحياناً غياباً حقيقياً لتحري الدقة ناتج عن العاطفة أو الحرج وكذلك القرابة التي تدفع بعض القائمين على تلك الأعمال الخيرية إلى الانجراف نحو تصديق كل ما ينقل من قول عن محتاج.. ونحن هنا لا نعطي صفة التعميم، الهدف هنا هو تغطية أكبر نسبة من المحتاجين بدلاً من أن تظل المساعدة أو المعونة مقصورة على محتاج قد تحسنت حالته مع مرور الوقت، وهناك من هو أكثر حاجة منه إلى هذا، فلا بد من الحرص في ذلك.
الملاحظة الأخرى، وهي التي تعتبر صلب الموضوع، هي ما نسمعه من قول هنا وهناك الذي نهى عنه الدين، والذي ورد في القرآن العظيم من خلال قوله تعالى: {لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ}.. حيث المجالس والمناسبات تطلق فيها الألسن عن فلان أو أسرة ما، وهذا يحدث أحياناً ممن هم قائمون على الجمعيات الخيرية وكذلك بعض رجال الأعمال وغيرهم مع الأسف؛ ما يؤثر في المحتاج ويدفعه إلى التعفف.
فالواجب هو ما دلّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: ثلاث من كنوز البر: إخفاء الصدقة، وكتمان الشكوى، وكتمان المصيبة، فليت بعض من ولي مسؤولية عن الأعمال الخيرية وخاصة في بعض القرى والهجر النائية يدرك ذلك ولا يقع فريسة للتأثير القبلي الذي يأخذ من هذه الأعمال وسيلة لبلوغ منزلة وهمية على حساب الخير فيسعى إلى لقب (الشيخ) لكي يرتقي في نظر من يحيط به من أقربائه وجماعته. واللافت للنظر والذي يثير التعجب أحياناً هو أن ذلك الطموح يختفي بشكل كبير ولا يفصح عن شيء عندما يتعلق الأمر بقريب له يتلقى عوناً أو مساعدة من قبل الجمعية، وهذا كله وفي مجمله يفقد العمل الخيري مصداقيته عندما يغلب عليه النزعة القبلية التي تقوم بعملية التصنيف حسب الانتماء بين المحتاجين. فأرجو عدم تغليب الأهواء الشخصية الذاتية؛ لأنها ليست من خصال المسلم الحقيقي الذي يسعى إلى التقرب لله.
Abdllh_800@hotmail.com