Al Jazirah NewsPaper Thursday  27/11/2008 G Issue 13209
الخميس 29 ذو القعدة 1429   العدد  13209
الشكل والمضمون ونحن..
فايز بن ظاهر الشراري

مَنْ يمعن النظر في واقعنا الاجتماعي سيجد أننا نبالغ كثيراً في اعتمادنا على الشكل، وهذا بالطبع كان على حساب المضمون. المجتمعات المتحضرة استطاعت إلى حد كبير تجاوز قضية الشكل، حيث نجد أن أفراد تلك المجتمعات يهتمون بالمضمون أكثر من اهتمامهم بالشكل في مختلف شؤون حياتهم مع احتفاظ الشكل بأهميته كعامل مهم لأخذ تصور مبدئي عن الأمور والأشياء أياً كانت.

في مجتمعنا يتم الاعتماد بنسبة كبيرة على الشكل في أمور مصيرية كالزواج والعلاقات الاجتماعية، إلى غير ذلك من الأمور المهمة، فحينما يفكر الشاب بالزواج من فتاة فإن شكل تلك الفتاة يكون هو الهمّ الوحيد بالنسبة إليه، وكذلك الحال بالنسبة للفتاة حيث يكون اهتمامها منصباً على شكل الخاطب، والسبب يعود إلى أن المجتمع لم يعطِ الشاب والفتاة إلا الشكل ليكون هو طريق التعارف الوحيد الذي أتاحه أمامهما ليبدآ من خلاله مسيرة حياتهما الزوجية.

صفة (المتدين) في مجتمعنا لا تطلق إلا على الشخص الذي قام بتقصير ثوبه وقام بإطلاق لحيته ليصبح الشكل هنا هو المعيار للحكم على تدين الشخص من عدمه، حيث أصبح الشخص الذي لم يطلق لحيته ولم يكن ثوبه أعلى من كعبيه - حتى وإن كان محافظاً على دينه ويؤدي جميع الفروض الدينية - شخصاً غير متدين، وفي أحيان كثيرة يصبح شخصاً عاصياً لربه ومتمرداً على دينه.

وهذا بالضبط ما أثّر على فئة الشباب الذين انجرفوا وراء التكفيريين والإرهابيين الذين استطاعوا تسخير الشكل للتغرير بهؤلاء الشباب حتى أصبح أولئك الشباب يأتمرون بأمرهم وينفذون مخططاتهم الإجرامية.

سوق الأسهم كذلك أعتبره مثلاً قوياً يدل على اهتمامنا بالشكل أكثر من المضمون؛ ففي بداية ظهور تجارة الأسهم في البنوك المحلية وما وجده غالبية المساهمين من ربح - على البركة - انجرف الناس وراء الأسهم حتى جاءت تلك النكسة في سوق الأسهم فذهبت أموال الكثيرين بلا رجعة بسبب أن نسبة كبيرة من المساهمين لم يحاولوا فَهم مضمون سوق الأسهم ومعرفة ماهية هذا السوق والعوامل التي تؤثر فيه سلباً أو إيجاباً.

أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة النظر في تعاملنا مع الشكل وإعطاء المضمون النسبة الأكبر من الاهتمام حتى تكون حياتنا أكثر تحضراً وأقل هموماً.



fauz11@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد