لقد كانت الجزيرة العربية مصدر الإمداد الحضاري والروحي للإنسان وهي منبع للثقافة والتراث الإسلامي؛ لذا فقد جذبت الجزيرة العربية الكثير من الرحالة الأوروبيين الذين كتبوا عنها مسجلين انطباعاتهم ووصفهم كما أسهمت أبحاثهم وأعمالهم في نقل صورة عنها من خلال المشاهدة للأماكن والمعالم والآثار والمكتبات التي زاروها، كما قام بعضهم بتدريس ما حملوا إلى أجيال جديدة من المستشرقين مما يحفل به التراث العربي الإسلامي من ثمار المعرفة والآداب والفنون، وما كتبه أسلافنا من شعر وفكر وحكمة وفلسفة منه ما نشر ومنه ما زال مخطوطاً في شتى مكتبات العالم، وفي السنوات الأخيرة بدأ الاهتمام من قبل أقسام التاريخ والآثار بالتنقيب عن الآثار تمثل في الدراسات والكشوفات والتنقيبات الأثرية وآثارها.
وتعد كتابات الرحالة عن الجزيرة العربية نقطة جذب وموضع اهتمام كثير من الشعوب والباحثين لما تميزت به من خصوصية وأهمية في إحدى مناطق الحضارات القديمة وملتقى الطرق التجارية ونقطة اتصال مهمة مع الحضارات الأخرى، فهي همزة الوصل التي تربط كل القارات لتكون قطب الأرض ورحاها ولذلك فقد حظيت بسجل تاريخي حافل بالأحداث.
ومن أبرز العوامل التي دعت الرحالة إلى الجزيرة العربية وجود المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، والتنافس الأوروبي على الخليج العربي وقيام الدولة السعودية وامتدادها ثم قيام الملك عبد العزيز بتأسيس المملكة العربية السعودية، فهذه العوامل وغيرها من التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كانت مصدر جذب للرحالة إلى جانب ما تحفل به من معالم تاريخية ومناطق اثرية مهمة حظيت بدراسات موسعة من بعض الباحثين ولفيف من المستشرقين، حيث تحدثوا عن مصادر التاريخ في أرض التاريخ وحضارة قوم عاد وثمود والأنباط وذي القرنين والرسالة المحمدية والحضارة الإسلامية التي أشرقت بنورها على أوروبا، حيث كان ظهور الإسلام حدثاً تاريخياً لا يشابهه حدث في تاريخ البشرية فقد استطاع أبناء هذه الجزيرة من اتباع هذا الدين أن يغيروا وجه الأرض تغييرا كليا في فترة من الزمان، ولا تزال البشرية كلها تعيش في آثار تلك التغيرات إلى يومنا هذا - ومن هنا فما زال العلماء والباحثون يستطلعون أحوال هذه الجزيرة والتعرف على حقائقها الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية والحياة الفكرية ومظاهرها في اللغة والشعر والتعرف على آثارها، وأنها موطن حضارات موغلة في القدم أبرزها الممالك العربية في جنوب الجزيرة وشمالها وشرقها وغربها ومن أشهرها سبأ ومعين وحمير ولحيان وكندة، وعندما بزغ فجر الإسلام ازدهرت مكة والمدينة فحمل أبناء الجزيرة تعاليم الإسلام إلى شعوب الأرض.