لا يكاد يغلق ملف التقاعد على مستوى الطرح والنقاش إعلاميا وشعبيا، حتى نجده يعود ويفتح ثانية بعد أن بات يمثل للكثير من القطاعات إشكالية إجرائية تترصد بكثير من المشاريع التطويرية والاصطلاحية التي تطرح ميدانيا وبداخل المؤسسات الحكومية.
فالجميع بات يعرف أن الكثير من المؤسسات الحكومية لا تعمل إلا بطاقة 5% إن لم يكن أقل من مجهودات وقدرات ومهارات منسوبيها !!بينما تظل البقية معطلة وفي حالة خمول وكمون لعدة أسباب منها:-
- النمط الروتيني الذي يدير به العمل من هم في موقع المسؤولية الإدارية، وقلقهم من التغيير والتطوير خشية أن يتقاطع هذا الموضوع مع صلاحياتهم ونفوذهم.
- الركام الإداري من القوانين والإجراءات والأنظمة الذي تراكم عبر السنين حتى تحول إلى حجر عثرة، وغطاء سميك يكتم أنفاس جميع المشاريع الخلاقة والطموحة والتي من الممكن أن تحدث تغييرا وتطويرا، وعند مقارنة القطاع الخاص بالقطاع العام هنا سيقترب الأمر من الطرفة، سواء من ناحية جودة الأداء أو سرعة تنفيذه.
- تحول مكاتب الكثير من المؤسسات الحكومية إلى مكاتب تحتشد بالبطالة المقنعة أو نموذج إداري غريب يقترب من الضمان الاجتماعي، حيث على الغالبية لا يوظف الفرد لمواهبه وقدراته، لكن بمسافة اقترابه من المسئول الأكبر في المنشأة.
الأسباب هنا كثيرة ومن الصعب رصدها، مالم يكن هنا دراسة جريئة وموضوعية ومستقلة تتبع مظاهر الفساد الإداري في بعض المنشآت، وبالتالي تخرج بالتوصيات والحلول لتجاوزها والتغلب عليها.
ومن هذا المنطلق نعود ونطرح قضية التقاعد والتقاعد المبكر بالتحديد بشكل ملح، فالطوابير المهولة من الخريجين والخريجات لا أعتقد أن حلولهم باستحداث المزيد من الوظائف التي تراكمهم بداخل منشأة تعاني هي ذاتها من عيوب إدارية لا متناهية، على حين أن سوق العمل في حالة عطش شديد للدماء الشابة الجديدة، والهمم المتحفزة الراغبة في العطاء، أعتقد أن إغراء المخصصات التقاعدية ومضاعفتها، لن يخلص المنشآت الحكومية من وجوه أثرية باتت جاهزة للمتحف فقط، بل أيضا سيرفع من دخل العائلة السعودية التي سيكون الجيل الأول فيها قد تقاعد مع مخصصات جيدة، والجيل الثاني قد وجد له حيزا في سوق العمل الحكومي.