Al Jazirah NewsPaper Thursday  27/11/2008 G Issue 13209
الخميس 29 ذو القعدة 1429   العدد  13209
هذرلوجيا
الجَملْ.. من جديد
سليمان الفليح

ثمة لغز بدوي قديم كانت تقوله الجدّات لنا حول مواقد النار الشتائية ألا وهو: من هي أم عابس التي تأكل الأخضر مع اليابس، وكان يقفز أحدنا كالقرد الصغير: إنّها النار يا جدّتي العزيزة!! ولأنّ نار جدّتي المرتعشة الجذوة آنذاك لا تساوي الآن شعلة قداحة أمريكية صغيرة تباع بالأسواق بريال واحد، أقول الآن لو طرحت علينا جدّتنا العزيزة ذلك السؤال العتيد فلن نجيبها بأنّ أم عابس هي النار، بل إن أم عابس هي (أم ريكا) التي أصبحت اليوم بالفعل تأكل الأخضر مع اليابس للحصول على بديل للطاقة، لذلك تطلق أشداق آلاتها العملاقة لحصد الحقول والبقول والمعقول واللامعقول من أجل استخراج الميناثول أو الوقود الأخضر، أي أنّ قوت الشعوب من القمح والأرز والذرة الصفراء ولربما حتى الشعير، سيذهب إلى شدق الآلة الأمريكية الجبارة الجشعة. وهذا ليس من (عندياتي) بل من عندياتها هي أي (أم ريكا) ما غيرها. ألم تعلن للملأ عن معضلتها الاقتصادية التي فاجأت فيها العالم والتي تحفز إنساناً بسيطاً مثلي أن يتساءل إذن أين (مستحصلاتها) من الشعوب وأين تجارتها العملاقة التي تهيمن على العالم بفعل أطروحة التجارة الدولية والعولمة وما إليها مما نعلمه ولا نعلمه!!

***

وفي هذا الصدد بالذات أعرف أنّ البعير إذا جاع ولم يجد ما يأكله فإنّه يأكل أوباره (!!) ولربما يفتك بمن حوله من بشر إذا وصل إلى مرحلة (الأُكُله) لا سيما إذا ما اعتراه الهياج بالإضافة إلى الجوع.

***

لذا فما العمل إذن إذا استعرت (أم عابس) وأخذت تلتهم كل أخضر على الأرض، أو بمعنى آخر ماذا نفعل بالجمل أثناء جوعه وهياجه و (صياجه)، وهنا اسمحوا لي أن أكون بسيطاً للغاية بل ولحد السذاجة البريئة، وأقول لكم من الآن عليكم بالالتفات إلى أمكم (النخلة) وأعيدوا النظر في الاعتناء بها والإحسان إليها بالرعاية والتنمية وحمايتها من الأوبئة، فهي الوحيدة التي بمقدورها أن تطعمكم مثلما أطعمت أجدادكم على مرّ العصور. هذا من جهة أما من جهة أخرى فالتفتوا إلى أبيكم الجمل ولكن ليس الجمل الأمريكي بل جملكم العربي، ففيه كل الفوائد التي وضعها رب العزة في هذا الكائن العجيب والذي اختص به أسلافكم العرب في بلادهم القاحلة الماحلة. لذا اسمحوا لي أن أؤيد مزاين الإبل بلا تحفُّظ ولكن بدون مزايدات.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد