Al Jazirah NewsPaper Thursday  27/11/2008 G Issue 13209
الخميس 29 ذو القعدة 1429   العدد  13209
خصائص الدرس النحوي في المدرسة الأندلسية
أ.د. عبد الكريم محمد الأسعد

تطلق هذه المدرسة على الدراسات النحوية في الأندلس وشمال إفريقية وجزر البحر المتوسط والمحيط الأطلسي التي سكنها العرب كجزيرة صقلية والجزر الخالدات المسماة حالياً جزر الكناري، والأولى إيطالية الآن والأخرى محتلة من إسبانيا. فتح طارق بن زياد وموسى بن نصير الأندلس في عهد الدولة الأموية سنة 92هـ فتولى الأمراء فيها الحكم باسم الخلفاء الأمويين بدمشق، فكانت بذلك مجرد إمارة من إمارات الخلافة الأموية، ولما حكم العباسيون اضطهدوا الأمويين في المشرق وتعقبوهم ففر منهم عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك إلى المغرب ثم عبر إلى الأندلس وأنشأ الدولة العربية الإسلامية الأولى المستقلة عن خلافة بغداد العباسية، ولما تولى الحكم في هذه الدولة عبد الرحمن الثالث الملقب بالناصر سنة 317هـ سمى نفسه خليفة، وقد ولى علماء العرب في الأندلس وجوههم في البداية شطر الدولة العباسية ورحلوا إلى المشرق ينهلون من العلم والثقافة ويتلقون على علمائه ويقتبسون من الأئمة فيه، وقد أدى ذلك إلى ازدهار الحركة العلمية في الأندلس في كنف الأمويين ثم في كنف ملوك الطوائف، وظهر في الأندلس وفي المغرب علماء أجلاء ضارعوا علماء المشرق بل بزّوا كثيراً منهم في بعض الأحيان، وقد نزح كثير منهم إلى المشرق وقاموا هناك بالتدريس وبنشر علمهم بين الناس، وقد ترتب على ازدهار الحركة العلمية في الأندلس أن كثر فيها المشتغلون بالعلوم اللغوية وتباروا في تصنيف المؤلفات النحوية فتطلعت إليهم الأنظار في سائر البلاد الإسلامية، وملأت قرطبة الأسماع وخلفت بغداد خصوصاً في النحو، وقد استحدث الأندلسيون والمغاربة على اختلاف بلدانهم في النحو مذهباً رابعاً جديداً دعامته الآراء النحوية التي أبداها علماؤهم في بعض المسائل والفروع، وبعد أن تأصلت مسائل مذهبهم الحديث وذاعت قواعده وكثرت فروعه شرع المشارقة في الأخذ عنهم، ولاسيما من أولئك الذين نزحوا إلى المشرق للحج أو للإقامة ومعهم مؤلفاتهم كابن مالك وأبي حيان وغيرهما.

ومن أمثلة هذا المذهب الأندلسي في النحو والصرف:

1- أصل مهما الشرطية (ما ما) الأولى شرطية والثانية زائدة فثقل اجتماعهما فأُبدلت ألف الأولى هاء، وهذا مذهب البصريين. وعند الكوفيين أصلها (مَهْ) اسم فعل أمر بمعنى (اكفُفْ) ثم زيدت عليها (ما) فحدث بالتركيب معنى لم يكن وهو الشرط، وقال أبو حيان الأندلسي إنها بسيطة لأنه لم يقم على التركيب دليل.

2- جواز تعدد الخبر لمبتدأ واحد، ويعد كل واحد من هذه الأخبار خبراً مستقلاً مباشراً مثل (زيد فقيه شاعر كاتب)، وهذا هو رأي البصريين والكوفيين، ومنع ابن عصفور الأندلسي وغيره من المغاربة تعدد الخبر، وجعلوا الأول فقط خبراً والباقي معطوفاً على الخبر عطف مفرد على مفرد بإسقاط حرف العطف، أو صفة للخبر. ومن الأندلسيين والمغاربة من يجعل الباقي خبر مبتدأ مقدر، ويصبح العطف بإسقاط حرفه عطْفَ جُمل أو جملاً مستأنفة والواو حرف استئناف.

ومن النحاة الأندلسيين المشهورين: جودي بن عثمان القيرواني المتوفى بقرطبة سنة 198هـ، وحمدون القيرواني المتوفى بالقيروان بعد 200هـ، والأفشن المتوفى بقرطبة سنة 307هـ، والرَّباحي الموفى بقرطبة سنة 353هـ، والزُّبَيْدي المتوفى بقرطبة سنة 379هـ، والأعلم الشنتمري المتوفى بإشبيلية سنة 476هـ، وابن القطاع الصقلي المتوفى بالقاهرة سنة 515هـ، وابن السيد المتوفى في بلنسية سنة 521هـ، وابن الطراوه المتوفى بحلقا (أو مالقا) سنة 528هـ، وابن الباذش المتوفى بغرناطة سنة 528هـ، واللخمي المتوفى في سبتة سنة 570هـ، وابن طاهر المتوفى بفاس سنة 580هـ، والسهيلي المتوفى بمراكش سنة 581هـ، والشاطبي المتوفى بالقاهرة سنة 590هـ، وابن مضاء المتوفى بإشبيلية سنة 592هـ، والجزولي المتوفى في (آزمور) بالمغرب سنة 607هـ، وابن خروف الإشبيلي المتوفى في حلب سنة 609هـ، وابن معط المتوفى بالقاهرة سنة 628هـ، والشلوبيني المتوفى بإشبيلية سنة 645هـ، وابن هشام الخضراوي المتوفى بتونس سنة 646هـ، وابن الحاج المتوفى سنة 651هـ، وأبو محمد المرسي الأندلسي المتوفى بدمشق سنة 661هـ، وابن عصفور المتوفى سنة 663هـ، ومحمد بن مالك المتوفى بدمشق سنة 672هـ، وابن الضائع المتوفى سنة 680هـ، وابن أبي الربيع المتوفى في (سبتة) سنة 688هـ، وابن آجروم المتوفى في (فاس) سنة 723هـ، وأبو حيان المتوفى بالقاهرة سنة 745هـ، والشاطبي المتوفى بالأندلس سنة 790هـ.

أستاذ سابق في الجامعة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد