عاد صديق للحديث مرة أخرى عن علاقته بالفن التشكيلي فبعد (هلوسته) العاقلة التي ذكرتها في الزاوية السابقة في شرحه ووصفه لما تحويه لوحة لم أكن أرى ما يراه هو فيها، كونها لوحة بيضاء علقت في أحد المعارض.
عاد ليتحدث هذه المرة عن ما يراه من جمال في أعمال غير جميلة في نظرنا تمتلئ بها المعارض ينتجها مبدعون اكتشفوا ما لم نكتشفه كما يقول، من جوانب الجمال في زوايا القبح حيث يقول صاحبي إنه معجب بقدرة بعض الفنانين على تحويل القبح إلى جمال.. وأضاف قائلاً: إن الفنان الصادق هو من لا يبحث عن الجمال الظاهر وإنما يبدع في إظهار وتبيان ذلك الجمال من بين متناقضات ما يراه كل منا ببصيرته قبل بصره.. مشيراً إلى أن الأصل في الأشياء الجمال فليس في الحياة قبيح إلا ما نصنعه بأيدينا مع سبق الإصرار والترصد بحثاً عن حقيقة الجمال التي نجهل التعامل معها ونجهل كيف نراها فنلجأ إلى ما نعتقد أنه تجميل ودليل على الذوق الرفيع بينما هو في الحقيقة تشويه وطمس للجمال الأصل والشعور بأننا الأجدر في بعث هذا الجمال في الوجود.
هذه العبارات من صديقي لم تجد لها في مخيلتي تفسيراً مباشراً، فعاد ليقطع حبل محاولاتي للفهم ليسألني.. هل لدي مواصفات معينة للجمال وكم من الناس يتفق معي عليها؟ فاجأني سؤاله فكثيراً ما كنت أستغرب رأياً لزميل في لوحة أضفى عليها كل عبارات المديح بينما كنت أراها غير ذلك.
اختتم صديقي هلوسته الرائعة جداً بمطالبتي أن أعيد النظر في كيفية تعاملي مع ما أراه قبيحاً.. وأن أستنتج منه الجمال وأن أزرع في وجداني القناعة أن الجمال هو أصل كل شيء وأن الحكم بالقبح يعكس كيفية نظرتنا للحياة بكل ما فيها ويكشف أياً من النظرتين تسكن عقولنا وقلوبنا.. أهي نظرة الجمال أم البحث عن القبح. وأطلق صديقي آهة طويلة قائلاً: صدقني أن الحياة جميلة لا تحتاج إلا إلى تأهيلنا للتعامل معها بمعرفة مكامن الجمال.
MONIF@HOT MAIL.COM