غَادر العرشَ واترُك اليومَ دارا(1) |
لم تَجدْ مُذْ حَلَلتَ فيها قَرارا |
أبيضٌ وجْهُها وتُخفي سَواداً |
عَمَّ ليلاً لها وعَمَّ النَّهارا |
كيف يهدي الزمانَ من عاشَ فيه |
مُظلِماً ما تلمس الأنوارا |
ساسَ كوناً يَظُنُّهُ ساسَ تيْساً |
بل بَعِيراً يجره بل حمِارا |
حَمَّلَ المَشرِقَ الُمعَنَّى حَصاةً |
فأتى المغربين منها الشَّرارا |
هذه الحربُ ذَيلُها جَرَّ رِجساً |
ومن الرَّأسِ ثارَ شَرٌّ وطارا |
أغمَضَت للسَّماءِ منه عيونٌ |
ليت ما كان طار كان الغُبارا |
قاذِفاتٌ، قنابلٌ ، ليت شعري، |
تبَّ هذا الحديدُ، أنَّى يُدارى! |
لا تضيقي وتبأسي إن خُبْراً |
جاءنا اليومَ يَحملُ استبشارا |
قرُبَ الوعدُ والقلوبُ هواءٌ |
لتَنَحِّيهِ تَرقُبُ الإقرارا |
فاهدئي وانعمي وقَرِّي وطيبي |
وافتحي العينَ، أنزلي الأمطارا |
اغسلي الأرضَ من ذُنوبٍ جِسَارٍ |
لم تكنْ من حيائِها تتوارى |
ملأت أرضَنا صديداً وقيحاً |
لوَّث البرَّ والهوا والبحارا |
هم أرادوا لذي الطبيعةِ عِتقاً |
وهي منهم تُناشِدُ الأخيارا |
غصَبوها دماؤها الحُرْمُ تجري |
يا للهفي على دماءِ العذارى |
ألقومٍ هم التماثيلُ سَمعٌ |
عزَّ ما كان يُسمِعُ الأحجارا |
ليت أنَّ الخليلَ(2) قد قام فيهم |
كان أفنى صغارَهم والكبارا |
أكمثل الخليلِ قد تُنجبُ ال |
أرضُ فتيةً لا تُمَجِّدُ الآثارا |
يَحْطِمونَ الأصنامَ في غير رهب |
ثُمَّ يبنونَ عزةً وانتصارا |
كان فيما انقضى من الدهرِ قومٌ |
هل ترى المجدَ حولهم كيف دارا |
إنَّ عينَ اليقينِ رؤيا جُرومٍ |
حولها قد أدارت الأقمَارا |
فهُم القومُ والكَواكبُ آيا |
تٌ بها تهتدي قلوبٌ حيارى |
سمعَ الناسُ عنهم فاستناروا |
كيف لو كان حاضراً من أنارا |
حدَّثت عنهم التضاريسُ سلها |
سلْ جبالا لها، سل الأنهارا |
هذه دِجلةٌ وهذا فُراتٌ |
ومن النيل فانقُل الأخبارا |
ولسهل الحجاز عنهم حكايا |
ذاتَ شجوٍ تظُنُّها أشعارا |
ملؤها تقىً وفضلاً وعدلاً |
غادروها فغادرَ الماءُ نارا |
1- إشارة إلى البيت الأبيض. |
2- إشارة إلى نبي الله ابراهيم عليه السلام. |
|