في رثاء الخال هزاع بن حمدان الفقيه - رحمه الله - أحد منسوبي وزارة الدفاع وأحد محاربيها القدماء. |
مقامُكَ في عيْنِيْ وقَلبيَ ماثلُ |
فوجُهَكَ وضَّاءٌ وكَفُّكَ بَاذِلُ |
رَحَلْتَ ولم ترحلْ وبِنْتَ ولم تزلْ |
فأنتَ معَ الدُّنيا مُقِيمٌ ورَاحِلُ |
أشَدْتَ بناءَ المجدِ دونَ تكَلُّفٍ |
وكنتَ مِثالاً تحتذيهِ المحافِلُ |
بكم يا أبا حمدانَ يأنسُ صاحبٌ |
ويفرحُ محزونٌ وينبهُ غافلُ |
لكم نظرةُ الصقرِ المهيبِ وعزمةٌ |
يسيِّرُها قلبٌ جَريءٌ وفَاعِلُ |
وما آدكم وقتٌ تزايدَ حِمْلُهُ |
وما كنتَ ترضى ذِلَّةً أو تُجَامِلُ |
تنوءُ بأحمالِ الجِمَالِ وتَرْتَقِي |
وتمضي إلى العَلياءِِ والدَّربُ قَاحِلُ |
وتحفرُ في صخرِ الحياةِ مَسَارِباً |
يسيرُ على أضوائها مَنْ يُناضِلُ |
وكنتَ على أرضِ الأسودِ مُحارباً |
تُجاهدُ في أرجائِها وتُقاتِلُ |
لكم في بلادِ الشَّامِ سيرةُ فَارسٍ |
تذكِّرُنَا مَجْداً بناهُ الأوائِلُ |
تذكِّرُنا فتحاً مُبيناً مُظفراً |
وراياتِ أمجادٍ مَضَت ومَعَاقِلُ |
تذكِّرُنا اليرموكَ حين تقدَّمت |
جَحَافِلُ جيشٍ تلتقيها جَحَافلُ |
تذكِّرُنا حطينَ والنَّصْرُ قادمٌ |
على عتباتِ القُدْسِ والظُّلمُ آفلُ |
تذكرنا نصراً مُبِيْناً مُؤَزَّراً |
لذكراهُ غَنَّتْ أَنْهرٌ وسواحلُ |
وفي الطَّائفِ المأنوسِ بيتُكَ قلعةٌ |
يلُوذُ بِها مَن ألجأتهُ النَّوازِلُ |
وضيفُك يَلقى مِنكَ وجهاً مُرحِّباً |
لهُ في سُويداءِ الفؤادِ مَنازِلُ |
وتُصلحُ ذاتَ البينِ دونَ تَكَلُّفٍ |
وترفعُ جِسْراً جَانِباه التَّفَاؤُلُ |
وكم بسمةٍ أودعتَها ثَغْرَ بَائِسٍ |
أناخَتْ عليهِ فَاقَةٌ وشَوَاغِلُ |
وجدَّدْت في جنبيهِ حُلمَ حَيَاتِهِ |
وسَارت بِهِ نحوَ النَّجَاحِ قَوافِلُ |
وفي جُدَّةٍ ألقت رِكابُكَ رحْلَها |
وقلبُكَ مَعْلُولٌ وجِسْمُكَ ناحِلُ |
رحلتَ وما في الموتِ شَكٌّ لعَاقلٍ |
(وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائِلُ) |
ستَذكُرُكَ الأيامُ حَيّاً وميِّتاً |
فأنتَ مَعَ الدُّنيا مُقيمٌ ورَاحِلُ |
|