قبل عقدين من الزمن أو زد عليهما قليلاً لم تحبذ شرائح من المجتمع دخول فتياتنا كليات الطب والصيدلة لمبررات ومخاوف دافعها الحرص عليهن، وربما كان عنصر المبالغة حاضراً آنذاك مع غياب التبصر والتعمق في النتائج الإيجابية المتوخاة من دراستهن الطب.
الآن ربما أننا نعيش الهاجس والامتناعات ذاتها بمحاولات إبعاد الفتيات المتخصصات عن ممارسة المحاماة والاستشارات القانونية بعد تخرجهن من أقسام الشريعة والقانون، ولاسيما إذا علمنا أن إحصاءات تقول: إن 90مليار ريال تديرها سيدات أعمال سعوديات تحتاج إلى مستشارات ومحاميات متسلحات بالقانون وفقه الشريعة، وإن المرأة في المحاكم الشرعية قد لا تتمكن لخصوصيتها من الإفصاح عن مكنونها للقضاة من الرجال، وقد تجد المعاملة الجافة التي تزيدها انكسارًا تضاف إلى معاناتها داخل المحاكم بين الرجال، وقد لا تستطيع هي إنهاء إجراءاتها دون ولي أمر ومحرم، وما يدريك أن يكون طرفاً في القضية أو الخصومة؛ فمن أجل هذا ألا يمكن أن يكون للمرأة مكان في المحاكم ودور المحاماة والدوائر القانونية لتمارس مهامها كمواطنة متعلمة متحضرة تخدم وطنها ومجتمعها وأخواتها النساء وتيسر عليهن (بعون الله) كثيراً من الصعاب والمعوقات؟ يضاف إلى كل هذه الأمور المشكلات الأسرية من طلاق وولاية وصلح وغيرها، فهذه تحتاج إلى خبرات ودراية المحامية والاستشارية القانونية التي تفهم طبيعة المرأة والطفل، وتستطيع استقصاء أبعاد كل قضية ومشكلة مع بنات جنسها دون حُجُبٍ أو حياء من الخوض في بعض خصوصيات وطبائع النساء في بحثها عن الحقيقة والعدل والإنصاف.