Al Jazirah NewsPaper Thursday  27/11/2008 G Issue 13209
الخميس 29 ذو القعدة 1429   العدد  13209
أوتار
يومٌ في أمريكا
د. موسي بن عيسى العويس

يوم في أمريكا لا كالأيام قضاه (خادم الحرمين) هناك، في (نيويورك). المكان شاهد، والزمان مؤرخ. يومٌ عظيم تعانقت فيه الأديان بعد الافتراق، وتصافح فيه الأتباع بعد الانقطاع، يومٌ تجدّدت فيه رسالات، وبعثت فيه ثقافات، وأحييت فيه حضارات. يومٌ خالد عقدت فيه آمال وطموحات، وبنيت عليه أماني وتطلعات. يومٌ إذا تمايز الناس في أقواله وأفعالهم ومعتقداتهم عده الناس لك (خادم الحرمين الشريفين). أما ما عند الله فهو خيرٌ وأبقى.

* أيامٌ ستتبع ذلك اليوم، ستفتح فيه صفحات جديدة مشرقة، في كل صفحة لك منها رسالة خالدة ستظل أبد الدهر شاهدة. لا تطويها السنوات مهما تقادمت، ولا تمحوها الأحداث مهما تعاظمت. سيرثها منك قادة كرام، وسيحملها أجيال أوفياء. تعلموا منك أنه كلما ازداد المرء قوة من نفسه، كبر قصده، وعظمت همته.

* يومٌ أثبتّ فيه أن (الحياة) كلمة حق، والرجال مواقف، والموقف من الإنسان للإنسان يظل ما ظلت البشرية على وجه هذه المعمورة.

* قد تكون بعض الأيام، ومنها هذا اليوم فاصلة في تغيير الحياة، أو هكذا تتمنى الشعوب وترجو. من أوقف حياته على خدمة الحقيقة، والوقوف في وجه الباطل، سيكون بلا شك منقذاً للفضيلة، بوصفه توّاقاً لتهذيب النفوس، وتزكية الأخلاق وترقيتها، هذا إذا كان على مستوى أفراد، لا حول لهم ولا قوة، وكيف إذا كان المنتصر لها، والداعي لها (ملك)، وليس أي (ملك).

* سلفك راهنوا وكسبوا الرهان في قيادة العالم، حين تحدق بهم الأخطار، وتعصف بهم الاختلافات، وها هو العالم في ذلك (اليوم) يلتف حول راية نصبتها للعدل والحق والمساواة.

* في ذلك (اليوم) كانت رسالة منك، وعلى لسان بلدك المقدس، مهبط الوحي، ومنبع النور أن (الدين) في أسمى معانيه وأجل أهدافه هو اللين والرفق والحلم والسلام. هو أساس التمدن الحديث وحجر زاويته. هو الذي أوجد الترقي والتقدم وأوجد سلطة الضمير، وقلَّل من شأن ما عداها. جاءت الكلمة هناك، لتبرهن أن (الدين) حينما ساد لم يكن سبباً للخصام والشقاق والقتال.

* من ذلك المكان، وفي ذلك الموقف كم هم أولئك الذين قفز إلى ذاكرتهم قول القائل، وقد تخلص من أوضار الحزبية ومساوئ المذاهب الوضعية:

وقد كنتُ قبل اليوم أنكرُ صاحبي

إذا لم يكن ديني إلى دينه دانِ

* أما وقد أدرك حقيقة الأديان ووحدتها، ذهب ليقول:

أدينُ بدين الحب كيف توجهت

ركائبه فالحب ديني وإيماني

* ما أجمل ذلك الحب الإنساني إذا كان منبعه الإسلام في أكمل صورته، وأنبل مقاصده، فبه وعليه قام العدل الإلهي، وأرسيت قواعد السلام بين البشر. هنا الحقيقة التي غُيبت فهل نحن قادرون على بعثها ا. هـ



dr_alawees@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد