هو الشيخ صالح بن راشد الحربي من الرس ولا أعلم أين ومتى ولد ولكنه عاش في الرس وكان من تلاميذ قاضي الرس رشيد بن زامل بن علي بن محمد المحفوظي العجمي الذي درس على الشيخ عبدالله بن عضيب في عنيزة وتولى قضاء الرس في الفترة من عام 1158هـ حتى وفاته عام 1196هـ ولعل الشيخ صالح رحل إلى عنيزة ودرس على الشيخ عبدالله بن عضيب. كما لا يستبعد أن يكون قد رحل إلى الدرعية مثل غيره من علماء القصيم ودرس على علماء الدعوة لأنه شارك فيها في القتال ضد إبراهيم باشا.
والشيخ عبدالله البسام في (علماء نجد خلال ثمانية قرون) يسمى الشيخ صالح بن راشد الحربي (عالم الرس) ولكنه لم يترجم له حيث لم يتوفر له ذلك.
وتذكر الروايات بأن الشيخ صالح توفي عام 1232هـ بعد حرب الدرعية بين الإمام عبدالله بن سعود وإبراهيم باشا، أي عندما انتهت الحرب أراد الباشا أن ينتقم من بعض العلماء الذين كان لهم دور في عجزه عن احتلال الرس واضطراره لعقد الصلح بينه وبين أهله ثم كان لهم دور آخر في المقاومة في الدفاع عن الدرعية في صف جيش الإمام عبدالله بن سعود، فكان الشيخ ممن قتل بعد الحرب.
وقد كان للشيخ صالح الحربي دور في المفاوضة للصلح بين الإمام والباشا عندما كان يحاصر الرس، فقد ذكر منير العجلاني في (تاريخ الدولة السعودية الأولى) أنه عندما كان إبراهيم باشا يحاصر الرس عام 1232هـ كان الإمام عبدالله بن سعود يرابط في عنيزة وأرسل الشيخ صالح إلى الباشا ليفاوضه على الصلح والانسحاب من الرس فوافق الباشا على الصلح بخمسة شروط هي: أن يدفع له الإمام نفقات الحملة كاملة، وأن يدفع له المتأخر من رواتب الجنود، وأن يعطيه ألفي حصان وثلاثة آلاف جمل، وأن يعطيه مؤنة كاملة للجيش لمدة ستة شهور قادمة، وأن يقدم له اثنين من أولاده رهينة لديه فرد عليه الشيخ صالح بقوله: ما هذا؟ إنك تفاوض سلطان نجد ولا تخاطب فلاحاً مصرياً. فحملها الباشا في نفسه ولم يرض التنازل عن طلبه ولم ينعقد الصلح.
وبعد أن عجز إبراهيم باشا وأعيته الحيل عن احتلال الرس نتيجة ما أبداه أهلها من شجاعة وبطولة في الدفاع عنها وافق على عقد الصلح، وتم عقد الصلح الشهير بين أهل الرس وإبراهيم باشا ورحل إلى الدرعية وشارك الشيخ صالح بن راشد الحربي في حرب الدرعية مع عبدالله بن سعود وأبدى شجاعة في الدفاع عن الدرعية مع أهلها، ويذكر أمين الريحاني في (تاريخ نجد الحديث) أنه لما انتهى الباشا من حرب الدرعية ودخلها أمر بالقبض على بعض الزعماء والعلماء ونكل بهم تنكيلا شنيعا فمنهم من طروحة مقيدين تحت سنابك الخيل ومنهم من وضعوا مكبلين عند فوهة المدفع فقطعهم إرباً إرباً طير أوصالهم في الهواء كما ورد بأن الشيخ صالح أحد الذين وضعهم الباشا في فوهة المدفع فقطع جسمه أوصالاً انتقاما لما ابدوه من مواجهة لجيش الباشا.
كما يذكر ابن بشر في (عنوان المجد) قتل العلماء في الدرعية فيقول (ولما صالح الباشا أهل الدرعية واستقر به القرار فيها كثر عنده القيل والقال من أناس من أهل نجد في أعيان المسلمين وأهل الصلاح والعلم منهم فرموهم عنده بالبهتان وتظاهروا عليهم بالإثم والعدوان فقتل الباشا من أعيان المسلمين عدة رجال فمنهم من قتل صبرا بالقرابين والبنادق، ومنهم من جعل في ملفظ القبس والقنبر فممن جعل في ملفظ القبس والقنبر علي بن حمد بن راشد العريني قاضي ناحية الخرج، وصالح بن رشيد الحربي من أهل بلد الرس (الصحيح صالح بن راشد) وعبدالله بن صقر الحربي من أهل الدرعية كذلك ذكر بن عيسى في تاريخه أسماء الذين قتلوا بأمر الباشا. أما الشيخ عبدالله البسام فقد ذكر في كتابه (علماء نجد خلال ثمانية قرون) اسم هذا العالم في نهاية الجزء السادس مع مجموعة من العلماء تحت عنوان (أسماء علماء نجديين لم نعثر على تراجم لهم نذكرهم لعله يستدل على أخبارهم) وها نحن نورد ترجمة لهذا العالم الجليل المجاهد.
رحم الله الشيخ راشد بن صالح الحربي وأسكنه جنات النعيم فقد كان عالماً مجاهداً صابراً محتسباً.
كتبه عبدالله بن صالح العقيل - الرس
aa10@maktoob.com