تفاقم مشكلة قراصنة الصومال، وأصبحت تمثل الأزمة الأكثر تهديدا للأمن والاستقرار الدوليين ليس في منطقة شرق إفريقيا، بل العالم أجمع من خلال ارتباطها الوثيق بحرية التجارة الدولية وتهديدها للطرق الدولية البحرية وامتداداتها، بعد أن اتسعت جغرافية عمل القراصنة وكبر مسرح عملياتهم الإجرامية من منطقة خليج عدن عند مدخل البحر الأحمر إلى وسط المحيط الهندي.
فالقرصنة التي امتهنها رهط كبير من الصوماليين والذين حولوا منطقة رونتلاند الشمالية التي تدار بأسلوب الحكم الذاتي بفرض الأمر الواقع من أمراء الحرب الأهلية الصومالية، حولوها إلى (مستعمرة للقراصنة) ومينائها بوصاصو ومرفأ هارلديري إلى مراكز لإيواء سفن والناقلات البحرية بعد خطفها والمساومة على قبض ثمن الإفراج عنها.
وهكذا حول الخارجون على القانون (مستعمرتهم) إلى موقع لابتزاز أصحاب شركات النقل البحري وناقلات النفط، ومركزاً تتداخل فيه الأهداف السياسية والمكاسب المادية الضخمة في هذه المشكلة حيث يكسب القراصنة ملايين الدولارات بعضها يصرف على شراء الأسلحة وأجهزة الاتصالات المتقدمة وتجنيد المسلحين وتعزيز المواقف السياسية المتمثلة في تقوية الكيانات الانفصالية من خلال السيطرة على بعض المناطق الصومالية، تجعل من القرصنة شراً يجب القضاء عليه تماما مثل الإرهاب في تحرك دولي تشترك فيه كل الدول والأسرة الدولية؛ لأن تزايد نشاط القراصنة وتصاعدها مثلما كشفت عملية خطف ناقلة النفط السعودية (سيريوس ستار) وبعد أن أصبحت جرائم القراصنة الصوماليين أكثر جرأة، بعد أن أصبحت تدر لهم أموالا ضخمة، حيث تشير المعلومات بأنهم قبضوا أكثر من مئة وخمسين مليون دولار كفديات لإطلاق سراح السفن التي اختطفوها منذ بدء نشاطهم، ولهذا فإن الاستجابة لشروطهم ومواصلة دفع الفديات سيشجعهم أكثر ويحولهم إلى قوة إجرامية لا يمكن التصدي لها.
ولهذا فإن التحرك السريع، ومشاركة جميع القوى البحرية والعسكرية البرية من داخل المنطقة وخارجها من الدول الكبرى واجب تفرضها المسؤولية الدولية لحماية السلم والاستقرار الدوليين.