Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/11/2008 G Issue 13205
الأحد 25 ذو القعدة 1429   العدد  13205
هيئة الصحفيين السعوديين... وماذا بعد؟
مندل عبدالله القباع

إن الصحافة المستنيرة هي التي تنطلق بموادها متفاعلة مع أحداث وطنها، ومحللة لوقائع ما يدور حولها في المدار القومي وما وراءه في المحيط الدولي تحت مظلة الكوكبة، وحول قاعدة الانطلاق نحو التقدم والرقي والنماء.

إن الصحافة الجيدة هي صانعة الرأي العام والمشاركة في تشكيل العقل الحديث وسط تيارات الفكر الأساسية وروافده المذهبية على الساحة الوطنية والإقليمية والعالمية.

وإننا حقاً لعلى يقين بأن الصحافة ذات السمات المتمايزة هي التي تصوغ المزاج الفكري لإنسان العصر الحديث منسجمة مع عناصر المعرفة الأخرى فهي لها السيادة الحضارية في قيادة الفكر التنموي والتنويري لقيادة كتائب النهضة والتطوير.

إن الصحافة الملتزمة المسؤولة هي التي لها السيادة في قيادة مسيرة الحضارة الإنسانية عبر كل مراحل التحول الاجتماعي المحسوب ومسيرتنا التنموية المخططة مستدامة ومتواصلة في حقب زمانية على مسافة التاريخ ولن يستطيع أحد أن يوقف عجلة التاريخ، وأبداً لن ترتد فهي دوماً للأمام تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وخلف قيادة حكيمة رشيدة تعلم بأن الواقع الحديث يفرض تحدياته ولابد من المواجهة، ليست المواجهة بالتقليد بل بالابتكار والإبداع والتجديد القائم على رصد الواقع واستقراء أحداثه وتحليلها وتشخيصها والالتزام بمنطقية النتائج وعلى قاعدة علمية أساسها الاختبار والتجريب والتحقق.

ولا غرو أن الصحفي المبدع هو الذي يعي ويدرك أن ما قدمه السلف من الصحفيين الأمجاد كما هو عظيم ورائع، ولكن يمكنه - بعون من الله - أن يحاكيهم روعة وإبداعاً، وبإمكانه بلوغ أقصى درجات الرقي والتقدم المهني بفضل موهبته وما زود الله به من قدرات فهي نعمة جليلة يشكر الله عليها نظراً لتطور العلم والمعرفة التكنولوجية والثقافة وبروز قيم صحفية جديدة على انطلاق الفكر والعلم مما أدى إلى تغير صورة العالم في العقل الإنساني كما واكبه تغير في التعامل مع الأحداث وغيرها وديدنه دائماً في ذلك هو الحفاظ على الموازنة المنطقية بين الأصالة والتحديث بإيجاد صيغ جديدة تعين على التوفيق بين النقل والنقل وبمقولة أخرى بين التراث وحاجات العصر ما يجعل الصحفي الجيد يقف على أرض التاريخ الصلبة بأقدام راسخة مما جعله لم يفقد هويته الوطنية فهي محور النهضة وعلى أساسها يتأكد قيمة الإنسان وفاعليته ولمزايا بيّنه في شؤون الحياة، وفي فكره وإرادته وقدراته الإبداعية ونهجه الجديدة في تحصيل المعرفة وجعلها أساساً لبناء حياة أفضل تبعث في نفسه الأمل في الانتصار على تحديات الواقع وصعوبات التوافق، وتناقض الأحداث، مما يدفع إلى التشكك في إمكانات التقدم والتخوف على سلامة النظام الاجتماعي.

من هنا يتجسد مدى المعاناة التي يعيشها الصحفي اليوم، ولكن يخفف من هذه المعاناة إيمان الصحفي بإمكانات العقل ونواتج العلم، وهذه هي قيمة الصحفي الجيد وسمته المميزة.

هي سمة مميزة حقاً أنه يعيش المعاناة ولكنه يعايشها أيضاً بمعنى أنه يدرك المعاناة ومبرراتها ولا ينكرها متذرعاً بأوهام، فإنكار المرض مدعاة لرفض العلاج فالموت المحقق ولا محال.

وما يجدر ذكره في هذا الصدد أن الصحفي السعودي لديه من الجسارة والحرية في أن يواجه - بالنقد - مشكلات الواقع مهما تباينت الآراء حولها أو حتى تعارضت فيما بينها. ويقيناً يدرك الصحفي السعودي أن سلوك التباين وحتى التعارض أو التناقض ليس عيباً في حد ذاته، بل قرينة ثراء في فاعلية الآراء وتفاعل في عملية الأخذ والعطاء، إنه تفاعل لا انفعال.

ومما يجدر قوله عن قناعة أن الصحفي السعودي لا أحد ينكر خصوصية إرثه الثقافي، وبالتالي فإن نوعية ما يواجهه من أزمات ومشكلات ليست هي في مجتمع آخر قريب أو بعيد، ولهذا فإن ما يعانيه الصحفي السعودي ليس بالضرورة هو ما يعانيه الصحفي في أي واقع مجتمعي آخر، إلا أن الأزمة العامة هي أزمة الثقافة ذاتها، ومدى أثرها في عملية الحراك الاجتماعي والتحول الحضاري.

ومن أجل تهيئة الظروف المعرفية والسلوكية والأدائية المنهجية التجريبية علينا أن نعكف على دراسة مطالب الصحفي السعودي بموضوعية تمكننا من الاهتداء لسلوك التميز وطريق التقدم.

إن الموضوعية تتطلب الصدق والمنهجية العلمية، فهي مبادئ التزام. وإن إحاطة الصحفي بالعناية والرعاية وحل مشكلاته المهنية والشخصية كفيلة بأن تدع قلمه أميناً لبلده عاملاً في سبيل نهضته وتطوره.

ومن هذا المنطلق أُنشأت (هيئة الصحفيين السعوديين) وذلك منذ أربع سنوات تقريباً، وكان لكاتب هذا المقال شرف الانضمام إليها وسداد الاشتراك السنوي واستخراج بطاقة العضوية دون تقديم أي خدمة، وما هو مصير قيمة هذا الاشتراك على مدى ثلاث سنوات، وحبذا لو أن الاشتراك وتسديد الرسوم بعد جاهزية تقديم الخدمات، إلا أننا ما زلنا نترقب حدوث شيء باعتبارها هيئة تضم ذوي المصلحة الواحدة والمهنة الواحدة وتقديم أوجه الرعاية لهم (اجتماعياً وصحياً ومهنياً...الخ) والمساعدة في الحصول على شروط أفضل لاستمرارية التقدم في ميدان العمل.. مع العمل على رفع الكفاية المهنية للصحفي والقيام بخدمات اجتماعية بشروط أفضل (في الإسكان والمواصلات وإعانة الزواج والمرض أو معاش الوفاة، أو العلاج في الداخل أو الخارج بتحقيق الرفاهية لجموع الصحفيين وعقد الاجتماعات الدورية في مواعيدها والاشتراك في المؤتمرات والندوات في الداخل والخارج). والأمل يحدونا في تحقيق ما نصبو إليه ونرجوه.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد