Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/11/2008 G Issue 13205
الأحد 25 ذو القعدة 1429   العدد  13205
رسالة من خارج المطار
د. عبدالرحمن بن سليمان بن دايل (*)

المطارات في أي بلد واجهة مُعبِّرة عن هذا البلد، وهي المكان الذي يصنع انطباعات الزائرين والضيوف، ويكوِّن مشاعرهم وأحاسيسهم نحوه، فالمطار هو البوابة التي يقرأ من خلالها الضيف بقية ما يحفل به البلد من مظاهر. ومن كرم الله على بلادنا أن مطاراتها أقيمت على أحدث المواصفات وهناك ما نالها من التطوير والتحديث ما يعد مفخرة لنا.

غير أن الانطباعات والمظاهر الحضارية لا تتوقف عند حدود الإمكانات المادية فقط بل تتعداها إلى سلوك البشر والخدمات التي يقدمونها والإطار التنظيمي الذي تقدم في ظله تلك الخدمات، فإذا كانت تلك الخدمات على قدر من الكفاءة والجودة داخل صالات المطارات فإن ما يرتبط بها من خدمات أخرى خارجها لا يقل أهمية في غرس الانطباعات التي تكوِّن صورة مشرقة، لا لهذه المطارات وحدها بل ولهذه الأرض التي تحتضنها.

ومن أهم الخدمات التي نتوقعها خارج المطار وسائل النقل والمواصلات التي تصل بنا إلى حيث نبتغي داخل الوطن، ولعلنا نحن المواطنين قد لا نعاني كثيراً في هذا المجال غير أن من يضطر أحياناً إلى استخدام سيارات الأجرة (الليموزين) سوف يقف - وبكل أسف - على واقع هذه الخدمة المتدهور الذي لا يليق بما نسعى نحوه من تحسين الخدمات بصفة عامة وما يتصل بها من خدمات تتعلق بواجهة بلادنا الحضارية بصفة خاصة لما تتركه هذه الخدمات من آثار نفسية وانطباعات ذاتية تسهم في تكوينها وغرسها لدى المواطن أو من يحل ضيفاً على هذا الوطن.

لقد استوطنت خدمات الليموزين عمالة وافدة يميل معظمها إلى جمع المال دون ما ينظر إلى ماتمليه عليه واجبات مهنته مما جعل تقديمه للخدمة مرتبطاً بما يحصل عليه، وذلك أن تتصور ما يؤول إليه حال خدمات الليموزين ومن يستوطنون فيها، لقد صارت الخدمة في خارج المطار سوقاً رائجة وميداناً فسيحاً لسائقي الليموزين.

يستقبلون العائدين بمعسول الكلام، يرغمونهم على الركوب معهم ثم يملأون السيارة بغيرهم، والأجرة تكون كاملة أو تنقص بعض الشيء أحياناً، وفي الطريق تكثر شكاواهم من شركاتهم أو كفلائهم ليستميلوا القلوب وليجعلوا من مخالفاتهم أمراً مقبولاً أو مسكوتاً عليه، أما عن مخالفة السرعة المقررة، فحدث ولا حرج فالسائق (المظلوم) يريد سرعة العودة للمطار ليلحق القادمين على رحلات أخرى وفق جدول يتقن حفظه أكثر من إتقانه لمهنته.

وهنا نتساءل أين المتابعة وأين الرقابة؟ وكيف نعيد لهذه المهنة والخدمة قيمتها في تيسير أمور المسافرين وفي المشاركة في رسم واجهة حضارية لبلادنا نحن أحق بها وأجدر للقيام بمهامها؟

أما طال الوقت لسعودة خدمات سيارات الأجرة (الليموزين) وإن كانت هناك بقية من وقت حتى نصل إلى هذه الغاية فهل سيطول الوقت لإعادة تنظيم هذه الخدمة وبخاصة تلك المرتبطة بالمطارات؟ إن هناك العديد من السيارات غير المرخص لها تفاجئك في المطار وهي لا تخفى على المختصين، وإن كان منهم من يبتغي تحسين دخله أو معيشته أو استغلال وقته فيما يفيد فلماذا لا تنظم مثل هذه الحالات وغيرها؟ لا نقطع وسائل تحسين معيشتهم بل لنضمن ألا يستفحل الأمر ويترك الباب مُشرعاً أمام مخالفات أمنية تقود إلى الجرائم لا سمح الله.

لقد أصبحت خدمات النقل والمواصلات من المطارات وإليها في حاجة ماسة للمراجعة لوضع خدمة الليموزين في مكانها الصحيح البعيد عن المتاجرة والاستغلال، ومتاجرة الوافدين في حياتنا وشؤوننا، فضلاً عما يسببونه من أضرار لا تخفى في أمورنا الأمنية والاجتماعية وما يهيئونه من مناخ وظروف تسيء إلى واجهتنا الحضارية التي يصادفها المرء فور خروجه من بوابات المطار.

(*) وكيل الوزارة بوزارة الثقافة والإعلام - سابقاً



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد