سلطت الصحف البحرينية الأسبوع الماضي الأضواء، على بيان موقع من مجموعة من المثقفين الشيعة يدعون فيه إلى تصحيح مسار الطائفة الشيعية، ورفض عدد من الأمور التي تمثل نقط اختلاف جوهرية بين السنة والشيعة، فقد طالب موقعو البيان بتأسيس عهد جديد من العلاقة الإيجابية المثمرة بين أبناء الطوائف، وقد جاء في البيان أن هدفهم تحرير الإسلام الشيعي من الهيمنة والاستبداد والقضاء على كل معوقات انسجام الشيعة مع أوطانهم، وقد حمل البيان 18 بندا تدعو إلى مراجعة فكرية وعقدية وسياسية حول عدد من الأمور, ورفض عدد من الشعائر أبرزها (إعطاء الخمس لرجال الدين ? وممارسة التطبير والدق على الصدور في طقوس عاشوراء ? وقذف الخلفاء الثلاثة السابقين على الإمام علي رضي الله عنه - وولاية الفقيه حيث جاء في البيان بأن ولاءنا فقط لأوطاننا وشعوبنا وأمتنا).
والبحرين التي تعيش في الوقت الحالي مشروعا إصلاحيا أخضر على أكثر من صعيد، تنحو باتجاه إزالة الفروقات المذهبية والطبقية بين أبناء الطوائف بهدف الاندماج في المشروع الوطني الأكبر، لاسيما أن البعد الطائفي بات ورقة سياسية تلعب به الكثير من الأطراف الإقليمية، وتستر خلفها طموحاتها الاستعمارية، لاسيما أن البحرين لم تنس بعد تصريح المسؤول الإيراني الذي جعل من البحرين إحدى الولايات الفارسية التابعة لإيران، إن ترسيخ روح الانتماء الوطني وتجذير العلاقة بين المواطن ومكانه، بات جزءا من الأمن القومي للمنطقة.
على المستوى المحلي بيان شجاع من هذا النوع، عندما يتبناه مجموعة من المثقفين المستنيرين نأمل أن يتم احتواؤه وتسليط الضوء عليه، أيضا استحثاث بذور التسامح والمحبة والتعايش في أعطافه، لاسيما أن هناك عددا من السعوديين الشيعة قد شاركوا في التوقيع عليه.
الرئيس الأمريكي المنتخب أوباما وعد بأن يخرج الجيش الأمريكي من العراق في فترة زمنية أقصاها 16 شهرا، ومن هنا تبرز الخطورة، أن تكون إيران عبر البعد الطائفي قد عمقت جذورها في العراق، مختلسة بهذا بعده العروبي ومقتصة الجناح الشرقي للأمة العربية.
الآن نحن نعيش هذه الإشراقات والفتوحات السنية لبوابات التعايش والحوار بين الأديان في عهد خادم الحرمين، حري بنا أن نتبنى مثل هذه البيانات ونسعى إلى تركيز الضوء عليها، واستحثاث كل ما هو مغيب ومسكوت عنه في أرضية المحبة والانفتاح على الآخر المسلم.
أنا هنا أطمح وآمل أن يتبنى مركز الحوار الوطني، مثل هذا البيان الجسور الشجاع، ويحاول أن يفعله ويوسع رقعته، من خلال الندوات والمؤتمرات والطرح الإعلامي المكثف، لأنها بالتأكيد تصب في صلب الحوار الوطني وتعبر عنه وتعكس فضاءاته وأجواءه الرحبة الواعدة.