Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/11/2008 G Issue 13205
الأحد 25 ذو القعدة 1429   العدد  13205
لما هو آت
يقتاتنا في صمت..!!
د. خيرية إبراهيم السقاف

هو الموت..طوى مئآت الأميال خبره فزجني في دوامة حزن عميق..,

ما كان بوسعي أن أطوي من سيؤول في أقصى الشرق للرياض فأكون بجوارهن نودعها في لحظتها الربانية الأخيرة وهي تمتثل لطاعته جثة في جلال العبودية وسلام الإيمان واستسلام الحقيقة...

منيرة البسام..

الزميلة التي رافقتها من الزمن وقتاً ملوناً بمواسمه.. في صومعة جامعة الملك سعود في عز مراحل بنائها وكفاحنا..., في أشح مواردها وأشد تناقضاتها... جمعتنا على نفحة الأمل ورغبة العمل.. إن اتفقنا فللبنة تضاف.. وإن اختلفنا فلوسيلة تتخذ.. لكن في الصدور وقيد من حماس وفي القلوب نبع من صدق...

منيرة البسام..

عشرون عاماً يتردد اسمها في أفواه المريدات من الزميلات والدارسات.. يحتويه السطر والقرطاس.. يسمع صوتها فضاء القاعات والرؤوس تنهل من علمها ما جدت ليكون خالصاً نقياً صادقاً وفياً...

داهمها المرض.. وهي أم أيتام تعولهن بكل حدب فهي من الصامتات في عمل الخير كافلة لهن.., طامحة بعشم لرفقة سيد المرسلين وهو يجمع بين اصبعيه: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة)..

منيرة البسام من أفردت وقتها بينهن والجامعة ولم تمنح للريح ثغرة كي تتراقص في مخيلتها.. فلا أوسع من باب العطاء تؤمه بصمت.. ولا أرحب من مدى ملكوت رحمة الله وجنانه تتناغم فيه مخيلتها...

كنت كثيراً ما أقف إليها نتحدث وإن قل اللقاء في الفترة الأخيرة لتباعد الخطوات.. فالجامعة لم تعد مقرناً.. والمشاغل اجتذبتنا... على ما قال حكيمنا (أكثر من اللقاء فإن الفراق حاصل) لكننا نلتقي دوماً على الود الصادق والأخوة التي تجاوزت مضائق المحطات...

تسع رسائل هاتفية تقاطرت معا إلى شاشة هاتفي تلاها الأكثر: د. منيرة البسام انطفأت.. الزميلة العزيزة انطفأت...

فأطفأت البسمة في قلبي.. يالله كيف أطوي المدى من سيؤول للرياض فأحتويها كما كنت قبل أن لا أراها أبداً..؟

كيف أشاركهن وداعها.. ولا أتخلف عن رؤيتها؟...

لكنها الإرادة الإلهية تلك التي تصيبنا برحمته تعالى في كل ما يأتي عنه تعالى... حتى الموت وهو يقتاتنا في صمت... يأتينا في أي مكان وفي أي زمان دون أن ندري..

رحمك الله يا منيرة.. رحمك الله أيتها الصابرة.. رحمك الله يا رفيقة زمن لا ينمحي من الذاكرة...

اللهم فأجعلها راضية مرضية.. اللهم وأكرم نزلها ووسع مدخلها.. اللهم وأرحمها بما أنت أهل وأبدلها داراً خيراً من دارها واخلف لها في يتيماتها صلاحاً وأجراً.. اللهم واجعل علمها في ميزانها نوراً وعفواً.. ورضاءً وبراً..

اللهم واجبر أهلها وأنزل السكينة على شقيقتها الدكتورة حياة وأشقائها وزميلاتها واجمعنا بها في مستقر رحمتك وأنت راضٍ عنا.. ولا حول ولا قوة إلا بك.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد