Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/11/2008 G Issue 13205
الأحد 25 ذو القعدة 1429   العدد  13205
هذرلوجيا
ربيع كعينيّ (شهلأ)
سليمان الفليح

أيه (يا شهلأ) يا سليلة الفنيقيين والبدو الرحل لقد تغزل أسلافنا بالعيون السود وتركوا عينيك الجميلتين كجزيرتين معزولتين في بحر أبيض تظلله الغيوم الذهبية كشعرك الأشقر الهفهاف. ونسوا خضرة العينين المدهشتين بلا مديح لذلك دعيني أسرح في هذه الخضرة اللامنتهاه مثلما كنت في طفولتي أسرح بالطليان على حواف الغدران في ربيع العمر وأنا ذلك الطفل البدوي الحافي القدمين أطارد (أم سالم) قبّره الربيع وأنصب لها الفخاخ تحت أشجار القيصوم في فيافي الشمال التي تصرخ بالنوار والاربيان والديدحان، أتعرفين الديدحان يا شهلأ؟! إنه يشبه شفتيك القرمزتين المزمومتين على جملة رقيقة قاطعة لكنه كان يتناثر في سهول الصحراء كما تتناثر (الغاردينبا) في سهول الدنمارك لكنه هنا لا (يعلّب) كزهر ويباع للمناسبات في أرجاء العالم بل تقدمه الطبيعة البكر لصغار الحملان و(حيران) النوق وينما تمتلئ ضروع (الخلفات) بالحليب الذي يفوح بنكهة أزهار البر ويمنح المرء نشوة كبرى وفرح هائل ويدعوه للتعلق بالجمال والحياة ويهفو إلى التغريد بالغناء تماماً كطائر (القمري) الجميل الذي يملأ (الروض) بالغناء الخفيض الحزين بينما طائر (المكأ) أو أم سالم يطير بشكل عامودي حتى يرتطم بالغيمة البيضاء التي تشبه وجهك ومن ثم يرتد إلى الأرض ليعزف أعذب الألحان.

***

لذلك لا تغضبي يا شهلأ إن لم يتغزل بعينيك الخضراوتين أحد فهما في عينيّ كم يشبهان الربيع وكم شعرك الأشقر يشبه الكثبان وكم ثغرك يشبه الديدحان وكم تشبهين مهاة في البرية يا شهلأ!!

لذلك لا تحزني يا قبرتي الجميلة ففيك ملتقى الحضارتين (الفنيقية والعربية) تشكلان هذه اللوحة الرائعة التي أبدع الخالق في صنعها وجعلها آية في الجمال والبهاء، لأن الله يا شهلأ جميل ويحب الجمال فلتزدهي بذلك دون كل النساء.

***

أما أنا هذا البدوي العابر في صحراء العمر فدعيني أحمل عصاي وألحق بنوقي التي ابتعدت خلف تلك التلة التي تحوم فوقها العقبان فلم يعد لديّ متسع للغرام.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد