قدمت الأهلي كابيتال تقريرا افتراضيا أسقطت فيه المعايير التي يستخدمها المستثمر العالمي وارن بافيت بانتقاء استثماراته وخلصت إلى عدة شركات تزيد عن العشرة في السوق المالية السعودية، وبالرغم من أن هذا النوع من التقارير يعتبر إضاءة إيجابية بهذه الظروف السيئة لتنبيه المستثمرين بوجود شركات ذات قيمة استثمارية مستقبلية كبيرة إلا أن التقرير أغفل جانب مهم وهو تقييم فارق الشفافية بين سوقنا والأسواق التي يستثمر بها وارن بافيت، وكذلك تعاطي إدارات الشركات مع المستثمرين والسوق عموما بتوضيح الصورة كاملة لهم وبعدالة مطلقة، فكيف لهذا المستثمر أن يضخ أمواله بشركات تتسرب منها المعلومات ويعاقب مستثمريها ولا تحرك ساكناً لحمايتهم وشركات ترفض حتى التطرق لواقع استثمارات خاسرة تتكبد بسببها خسائر كبيرة وشركات تحقق إيرادات ضخمة ثم يخرج صافي الربح أقل من السابق دون توضيح شافي ووافي. كما أن عوامل الدعم الحكومي التي تسهم بتحقيق أرباح كبيرة لشركات قد لا تكون مستمرة إلى الأبد فالمنافسة الموجودة بالأسواق العالمية لا تنطبق على العديد من شركات السوق السعودي كما أن طريقته بعقد الصفقات تعتمد على آليات لا تتوفر لدينا من خلال الأسهم الممتازة وبعائد ثابت.
سوقنا ينقصه الكثير من التنظيم وأبرزها الإفصاح والشفافية وطريقة هيكلية عمل مجالس الإدارات وقدرة المساهمين مهما قلت حصصهم بالتأثير عليها فالمساهم دائما آخر من يعلم ولا تمارس الإدارات أي دور بحماية استثماراته بالشركة من خلال التواصل المستمر معه فالأزمة العالمية مسحت جزءاً كبيراً من أمواله ولم نجد أحداً من تلك الشركات يخرج لتطمينه بالوقت المناسب حول أوضاع الشركة وبعدها عنها وان ما يحدث هو مجرد تأثير مؤقت سينجلي قريباً.
صحيح أن الأزمات تولد الفرص وسوقنا مليء بها ولكن القياس يبقى مسألة تحتاج إلى تقارير ودراسات موسعة عن المستقبل وشفافية عالية وتعامل سريع مع التطورات من قبل مسؤولي الشركات حماية للمساهمين من التأثيرات النفسية التي تحرك قراراتهم فلا يكفي أن نعمم نجاح الآخرين بالاستثمار كوارن بافيت دون أن ننظر لأساسيات تعتبر بديهية بالأسواق العالمية بينما نحن مازلنا نتأمل تطبيقها لدينا.