من بين الأحزاب الشيعية التي تتهيأ بدورها لملء فراغ انسحاب قوات الاحتلال من العراق، حزبان أحدهما على جانب كبير من الأهمية على مستوى القُطر والآخر على مستوى محافظة البصرة.
الأول ونعني به التيار الصدري، وهو تجمع جماهيري يأخذ بالتنظيمات والأطر الحزبية؛ فالصدريون حزب وإن لم يسم بحزب، وهم وإن يجمعهم الولاء المطلق لمقتدى الصدر إلا أن لهم تنظيمهم الحزبي وارتباطاتهم ومكاتبهم ومنظمة عسكرية هي جيش المهدي، الذي يعد أكبر مليشيا شيعية موجودة على الساحة العراقية وأكثرها تسلحاً وأعداداً، ويديرها ضباط متخصصون مفرزون من المؤسسات الاستخباراتية الإيرانية، ولذلك فإن المتخصصين في الشؤون العراقية يعدون التيار الصدري وجيش المهدي أكبر قوة عسكرية وسياسية يمكن أن تلعب دوراً أساسياً في مستقبل العراق بعد الاحتلال، ويكفي الإشارة بأن الصدريين لهم تسعة وعشرون مقعداً من أصل 275 مقعداً في البرلمان العراقي، أي يشكلون أكثر من 10% من نسبة التمثيل، وهذا ما جعلهم قادرين في أولى فترات تشكيل حكومة المالكي من فرض شروطهم على المالكي والحصول على توزير عدد من أعضائهم وبعضهم غير مؤهلين ولم يحصلوا على شهادات تتعدى الثانوية العامة!!
والتيار الصدري يعد أكثر الأحزاب الشيعية رفضاً ومعارضة للاتفاقية الأمنية الأمريكية، وقد تظاهر أنصار التيار يوم الجمعة في ساحة الفردوس، ويعارض نوابه في البرلمان معارضة شرسة عند بحث بنود الاتفاقية في الأيام الماضية ووصل الأمر عند بعضهم وبعضهن من نواب التيار إلى إثارة الفوضى والاشتباك مع رئيس البرلمان في معارك كلامية.
والتيار الصدري معارض شرس للوجود الأمريكي في العراق وسبق أن خاضت القوات الأمريكية معارك قوية مع عناصر جيش المهدي داخل بغداد، وكثيراً ما اقتحمت القوات الأمريكية معقل الصدريين (مدينة الثورة) التي غيّر اسمها الصدريون إلى اسم (مدينة الصدر) كما شاركت القوات الأمريكية، القوات الحكومية العراقية في إضعاف الوجود العسكري لجيش المهدي في البصرة والعمارة والناصرية.
والصدريون رغم موقفهم المبدئي هذا، إلا أن الضالعين في الشأن العراقي يأخذون على التيار الصدري خدمته للمصالح الإيرانية وأن معارضته للاتفاقية الأمنية، وقبلها الوجود العسكري الأمريكي يندرج ضمن الخط الإيراني؛ فالصدريون يرفضون الوجود الأمريكي، إلا أنهم يتعاملون مع متغيرات الاحتلال ويتفقون مع الطرح الإيراني في إملاء الفراغ السياسي والعسكري في العراق بعد الانسحاب العسكري الأمريكي.
الحزب الشيعي الآخر القادر على التأثير والتصدي للاتفاقية الأمنية الأمريكية وبالتالي لعب دور في إعادة ترتيب البيت العراقي، وإن لم يكن في مستوى القُطر بأكمله ولكن في واحدة من أهم محافظات العراق.
فحزب الفضيلة الذي يعد الحزب الشيعي الرابع، يعد أهم وأكثر المكونات السياسية حظاً في الإدارة والسيطرة على الأوضاع في محافظة البصرة (كنز العراق النفطي) والمحافظة التي تتصارع للسيطرة عليها الأحزاب الشيعية الأربعة من خلال توقيتهم بحث مشاريع الفدرالية والأقاليم وإدارة المحافظات بالتزامن مع بحث بنود الاتفاقية الأمنية الأمريكية التي أثارت استطلاعات وتصويت غير رسمي إلى رفض أهالي البصرة لها.
jaser@al-jazirah.com.sa