Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/11/2008 G Issue 13205
الأحد 25 ذو القعدة 1429   العدد  13205
توزيع الفدية بالتساوي بينهم لتفادي حدوث صراعات
القراصنة الصوماليون بين خطر البحر وبذخ البر

مقديشو - د ب أ:

يقودون سيارات فارهة، ينفقون ببذخ على إقامة الحفلات في منازل فاخرة، وتعلو أصواتهم عبر أحدث أجهزة التليفونات المحمولة، ولا يتزوجون سوى الحسناوات.. مَن هم إذن هؤلاء الأشخاص؟?

ربما يبدو ذلك وصفاً لمجموعة من مشاهير الفنانين.. ولكنه يصدق أيضاً على القراصنة الصوماليين الذين تحولوا على نحو سريع إلى طبقة من الأثرياء الجدد في منطقة القرن الإفريقي.

يقول ضاهر صلاد موسى، رجل أعمال في ميناء بوصاصو بمنطقة بونتلاند الشمالية المتمتعة بما يشبه الحكم الذاتي (إنهم يعيشون حياة تتسم بالبذخ، يقودون سيارات فارهة، ويستخدمون أجهزة تليفون وكمبيوترات محمولة حديثة، ويعيشون في منازل كبيرة بها أرقى الديكورات، ويتزوجون من أجمل الفتيات). تعود جذور أعمال القرصنة الصومالية إلى حركة صيادين تجمعوا معاً خلال حقبة التسعينيات الماضية لمنع عمليات الصيد غير المشروعة ودفن النفايات السامة قبالة سواحل بلادهم. ورغم أن الخاطفين لا يزالون يحافظون على هذا العمل باعتباره دافعهم الأساسي، إلا أن عمليات القرصنة تحولت إلى صناعة رائجة تدر أرباحاً طائلة في الوقت الذي لا تتوانى فيه شركات النقل البحري عن دفع أموال باهظة كفدية مقابل الإفراج عن سفنهم المختطفة. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية تحول هذا النشاط غير المشروع إلى ما يشبه كرة الثلج المتضخمة مع لجوء أعداد من الشباب إلى الانخراط في هذا العمل للفوز بنصيب من (الكعكة) وعيونهم على نظرائهم الذين يعيشون من ورائه في رفاهية.

ومن جهته كشف برنامج مساعدة البحارة في شرق إفريقيا عن وجود أكثر من ألف قرصان يجوبون مياه خليج عدن بعد أن كان عددهم يزيد قليلاً على مائة قرصان عام 2005. وتحولت مدن ايل وجاروي وهارارديري إلى بقاع مزدهرة، على الأقل مقارنة ببقية المناطق الصومالية الأخرى التي يعيش فيها ملايين الأشخاص على المساعدات الغذائية الأجنبية بفعل عمليات التمرد الدموية والجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود. ومما لا يثير الدهشة تطلع المقيمين بهذه البلدات إلى حياة الرفاهية التي يعيشها القراصنة. وتوج القراصنة عملياتهم الإجرامية التي شملت خطف نحو أربعين سفينة خلال العام الجاري، باحتجاز ناقلة النفط السعودية العملاقة (سيريوس ستار) وعلى متنها نفط بقيمة مائة مليون دولار. وترددت أنباء عن مطالبة الخاطفين بفدية قدرها 25 مليون دولار مقابل الإفراج عن الناقلة السعودية، فيما يعد قفزة كبيرة في مطالب الخاطفين التي لم تتجاوز مليوني دولار فقط كفدية على الأقل خلال العام الجاري. ورغم استبعاد احتمالات حصول القراصنة على هذا المبلغ الضخم من الأموال، إلا أن المطالبة به تُظهر بوضوح المدى الذي وصلت إليه طموحاتهم بعد أن أصبحوا أكثر جرأة رغم التواجد المتزايد للسفن الحربية الدولية في منطقة خليج عدن. ويضخ القراصنة جزءاً من الأموال التي يحصلون عليها في الأعمال التجارية أو شراء الأسلحة أو أجهزة الاتصالات الحديثة لاستخدامها في نشاطهم. إلا أن القراصنة يحتفظون بقسم كبير من الأموال التي يحصلون عليها للإنفاق منه على حياة البذخ التي يعيشونها. ومن النادر حدوث مشاحنات بين القراصنة؛ حيث يطبقون نظاماً لتوزيع الفدية على قدم المساواة للحيلولة دون حدوث صراعات أو توتر بينهم. يقول إسماعيل (هناك نسبة مئوية متفق عليها لتوزيع الأموال.. بعضها يذهب إلى جيوب الخاطفين، والبعض الآخر يذهب إلى المدافعين المتواجدين على السواحل). وطالما ظلت الصومال بلد الفرص المحدودة، فإن تخلي القراصنة عن نشاطهم يصبح أمراً بعيد الاحتمال.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد