Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/11/2008 G Issue 13205
الأحد 25 ذو القعدة 1429   العدد  13205
افتتاح اليوم الثقافي الجزائري في نادي الرياض الأدبي
د. الربيع: الجزائر حاضرة في أكثر من 174 قصيدة عند الشعراء السعوديين

الثقافية - علي بن سعد القحطاني

في سياق احتفالات الجزائر بالذكرى الرابعة والخمسين لاندلاع ثورتها التحريرية أقامت السفارة الجزائرية، بالتعاون مع النادي الأدبي بالرياض، برنامج اليوم الثقافي الجزائري في أروقة النادي الأدبي مساء يوم الأربعاء 21-11- 1429هـ الموافق 19-11-2008م بحضور وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور عبدالعزيز بن محمد السبيل والسفير الجزائري لدى المملكة الدكتور لحبيب أدامي، واستهل البرنامج الثقافي بكلمة السفير الجزائري جاء فيها: إن افتتاح اليوم الثقافي الجزائري الذي يحتضنه النادي الأدبي بالرياض والذي يأتي في سياق إحياء الجزائر لذكرى أول نوفمبر 1954 تاريخ اندلاع ثورتها التحريرية، يُعد مناسبة أخرى للوقوف على شواهد استمزاج العمل الثقافي بالنضال والجهاد لانتزاع الاستقلال واسترجاع الحرية. فكم تغمرنا السعادة حين تملأ أعيننا صورة المغفور له جلالة الملك سعود - يرحمه الله - وهو يحتضن علم الجزائر إعلاناً منه بتبني القضية ومناصرتها. ومن الجميل في هذا التواصل أن الكثير يعتقد أن أحمد رضا حوحو مترجم وكاتب المسرح والقصة والرواية والأدب الساخر سعودي؛ لارتباط جزء معتبر من إنتاجه الأدبي بهذه الديار التي هاجر إليها برفقة أهله سنة 1935م وتخرج بها من مدرسة العلوم الشرعية عام 1938م وعمل فيها بعد التخرج، كما شارك في تحرير مجلة (المنهل) بمكة المكرمة بقصص يترجمها من الأدب الفرنسي، قبل أن يعود إلى الجزائر سنة 1946م ليمضي شهيداً حينما اغتالته سلطات الاستعمار في مارس 1956م بعد تقديرها أنه رجل خطير.

كما شهدت السنوات الأخيرة حراكاً حثيثاً ميزة تبادل الزيارات بين المبدعين والمفكرين والأكاديميين والأدباء الجزائريين والسعوديين في إطار الحوار العربي الصيني، والياباني الإسلامي، ومهرجان الجنادرية، وعكاظية الشعر العربي بالجزائر، ومعرض الرياض الدولي للكتاب، ومؤخراً الصالون الدولي الثالث عشر للكتاب في الجزائر. وأعتقد أن قابلات الأيام مرشحة لأن تكون مجالاً لنشاطات نوعية أخرى ستدعم بدون شك صرح التواصل والتعاون بين البلدين.

عقب ذلك تم عرض شريط مختصر عن فعاليات (الأسبوع الثقافي الجزائري بالمملكة 2007م)، وكانت هناك قراءات شعرية مشتركة، وألقى الدكتور نعمان بوقرة ورقة تحت عنوان (الأدب الجزائري وثورة التحرير)، وركز في ورقته على (الشعر الحر والثورة) وقال: تشير بعض الدراسات التأريخية للشعر الحر في الجزائر إلى أن أول نص شعري أنتج على هذا المنوال يعود إلى سنة 1955 بعنوان (طريقي) ل(أبي القاسم سعد الله)، على الرغم من وجود محاولات سابقة تنسب إلى الأديب والمفكر الجزائري رمضان حمود سنة 1928 بعنوان (يا قلبي)، وقد دعا مبكراً إلى عدم اتخاذ الوزن والقافية ضرورة من ضرورات الإبداع الشعري بل الغاية يجب أن تحصر في الصدق الفني؛ فهو مفتاح الشعر وخرجه إلا أن هذه الدعوة الجريئة لم تلق الأصداء المرحبة بها للواقع الفني المزري الذي كان يتخبطه المثقفون في الحقبة الاستعمارية؛ فولدت الفكرة موءودة في المهد كما حدث لها في المشرق؛ فقد ضلت لسنوات تئن تحت وطأة الثقافة الشعرية المحافظة، وأياً كان الأمر فإن المحاولات الشعرية في هذا النطاق الشكلي كانت محدودة وقليلة الفاعلية لأسباب ذاتية تتصل بأصحابها، وأخرى موضوعية واقعية، ولعل أشهر من خاض هذه التجربة في مرحلة الثورة التحريرية التي كان صداها مؤثراً في حركة التجديد الشعري المبكرة التي عرفها الشعر الجزائري أبو القاسم سعد الله والطاهر بوشوشي والغوالمي وأبو القاسم خمار الذي صدرت له أول قصيدة حرة سنة 1954 في ديوانه أوراق بعنوان (الموتورة)، ولعلنا نقول في هذا السياق إن حركة التجديد الفني في الشعر الجزائر إبان الثورة كانت وليدة رغبة ذاتية ووطنية في التمرد والتحرر من مظاهر الكبت السياسي والاجتماعي والتردي الثقافي الذي خيم دهراً على الحياة الجزائرية؛ فهذه الحركة ثورة على الواقع أو شكل من أشكالها، ولم تكن رفضاً للتاريخ وموروثه.

وبيّن الدكتور محمد الربيع في مداخلة له أن العلاقة بين الشعبين السعودي والجزائري علاقة متينة لا يمكن الإحاطة بها في عجالة، وأنه لو أتيحت له الفرصة لحبّر بحثاً مفصلاً عن العلاقات الثقافية والعلمية التي تربط بين البلدين. واستعان الدكتور الربيع بالأطروحة العلمية التي تناولت (الكفاح الجزائري في الشعر السعودي) للباحث عبدالله بن عودة العطوي في ذكر الإحصائيات والأرقام التي تشهد بحضور الجزائر في أفئدة الشعراء السعوديين حيث بلغت أكثر من 174 قصيدة و4066 بيتاً، وكان من جملة هؤلاء الشعراء: عبدالله عبدالوهاب، محمد الفهد العيسى، عبدالله بن صالح العثيمين، عمران العمران، سعد البواردي، محمد هاشم رشيد، صالح الأحمد العثيمين. كما أوضح الدكتور محمد الربيع في مداخلته أيضاً أثر البعثات العلمية بين البلدين، وعلى وجه أعم الحراك الثقافي الذي يربط بين المشرق العربي ومغربه.

عقب ذلك تحدث الدكتور عبدالحميد هيمة من خلال ورقته عن (علامات في المشهد الشعري الجزائري بعد الاستقلال) استعرض فيها بعض ملامح الخطاب الشعري الجزائري المعاصر، وقال: مع بداية الثمانينيات بدأت بوادر حركة شعرية جديدة، رؤيةً ومضموناً، تتجلى من خلال الصفحات الثقافية للجرائد والمجلات، وقد حمل لواء هذه الحركة نخبة من الشعراء الذين حاولوا أن يطوروا تجاربهم الفنية التي ظهرت في السبعينيات؛ فبرزت في صوت متميز وجديد وسط بحر لا متناه من التجارب حمل لواء الروح واتخذ من القصيدة فضاء للجرح، ومن الكتابة معراجاً إلى آفاق روحانية.

وما يميز هذه التجارب هو إحداثها نقلة نوعية في النظر، وفي التعامل مع الشعر، والواقع التاريخي، بحيث لم يعد الشعر ممارسة نظرية أو استجابة لنوازع ترغب في أن تتحقق في التعبير الشعري، وإنما أصبحت تسعى إلى التجاوز والصدام؛ مما يجعلنا نشعر بوجود قفزة نوعية - بالقياس إلى فترة السبعينيات - تهدف إلى الوصول بالقصيدة الجزائرية إلى مكانتها اللائقة بها.

وخلص الدكتور عبدالحميد هيمة في ورقته إلى نتيجة وهي أن التجربة الشعرية الجزائرية المعاصرة قد حققت قفزة نوعية في التعامل مع الواقع وفي التعامل مع المعطى الثقافي العربي والأجنبي، وتتمثل في هضم هذه المعطيات واستيعاب مختلف المذاهب الحديثة من أجل تأسيس تجربة شعرية جزائرية نابعة من الرحم ومتفتحة على مختلف التجارب العالمية.

وتحدث الأستاذ محمد الدوسري - وهو ممن كتب عن (ذاكرة الجزائر في ديوان الشعر السعودي) - عن الروابط الثقافية المشتركة بين البلدين.

وفي ثنايا البرنامج الثقافي كرّم السفير الجزائري لدى المملكة الدكتور لحبيب أدامي وقام بتوزيع الدروع التذكارية على كل من: الدكتور عبدالعزيز بن محمد السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية والدكتور أبو بكر باقادر وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية والأستاذ عبدالرحمن الهزاع وكيل وزارة الإعلام المساعد للإعلام الداخلي والدكتور محمد الربيع والفنان التشكيلي سعد العبيد، واختتم البرنامج الثقافي بعرض الفيلم التاريخي (العفيون والعصا) للمخرج أحمد راشدي وهو فيلم جزائري أنتج عام 1969م يحكي فيه على مدى 110 دقائق البطولة الجماعية لأهالي قرية جزائرية في مقاومتهم للاحتلال.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد