Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/11/2008 G Issue 13205
الأحد 25 ذو القعدة 1429   العدد  13205
بوش في الميزان!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

في يناير المقبل، سيغادر الرئيس الأمريكي جورج بوش البيت الأبيض من الباب الخلفي غير مأسوف عليه، وهو في نظر البعض، مثل السيناتور الديمقراطي هاري ريد، أو الأستاذة في جامعة كورنيل إليزابيث ساندارز، سيسجل بوش في التاريخ ك(أسوأ رئيس) للولايات المتحدة الأمريكية. وهذا ما جعل مجلة (نيوزويك)، تصفه على صفحتها الأولى بالرئيس الذي لا يصغي إلى أحد.

بدأ جورج بوش رئاسته بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وانتهت بأزمة مالية خانقة تسببت في كارثة مخيفة حدثت في عهده، بسبب سياسات خاطئة مارستها الإدارة الأمريكية وتتحمل مسؤوليتها. وما بين الحدثين الضخمين، قام الرئيس بوش باحتلال أفغانستان ومن ثم احتلال العراق. إضافة إلى المعتقلات التي تديرها الولايات المتحدة الأمريكية في هذين البلدين، والذي لا يعرف لها نظير في التاريخ كله، يمارس فيها انتهاك حقوق الإنسان بصورة بشعة كريهة، تفقد الإنسان آدميته، وستبقى تلك المعتقلات وصمة عار في تاريخ الحضارة الإنسانية.

وعلى الرغم من مرور سبع سنوات على احتلال أفغانستان، إلا أن طالبان استطاعت السيطرة على نصف أفغانستان تقريباً، وصعدت عملياتها ضد قوات التحالف والقوات الأفغانية، وفرضت نفسها بسبب سخونة الأحداث الجارية على المشهد السياسي، وقد نشرت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية، أن: (البيت الأبيض ربما يذيع بعد الانتخابات مشروعاً يوصي بالتفاوض مع طالبان، باستثناء الصف الأول من قادتها، سعياً إلى تخفيض مستوى العنف والمقاومة الحالية).

وعلى الجبهة الأخرى، فإن احتلال العراق دخل سنته السادسة بعد أن داست أمريكا على القانون الدولي وعلى قرارات الأمم المتحدة بالحذاء، إلا أن الحرب كانت الأكثر تكلفة في كل حروب أمريكا التي خاضتها عدا الحرب العالمية الثانية. وهو ما جعل السيناتور الديمقراطي ديك دورين، يتهم إدارة جورج بوش، بأن (خطتها تقتصر على ترك المأزق العراقي للرئيس المقبل). بل إن عضو الكونجرس الأمريكي السيناتور دينيس كوسينيتش، المرشح السابق للرئاسة الأمريكية، عرض في 16 يونيو الماضي، مشروعاً لقرار يتكون من 35 مادة، يطالب فيه بتقديم الرئيس الأمريكي جورج بوش للمحاكمة أمام الكونجرس.

ومن بينهم التهم التي تضمنتها العريضة: قيام الرئيس بوش بخلق حملة دعاية سرية لتدبير قضية كاذبة من أجل شن الحرب على العراق، وربطه هجمات 11 سبتمبر عام 2001 بالعراق كذباً وبنيّة إجرامية، واعتبار العراق تهديداً أمنياً خطيراً كجزء من الذرائع الكاذبة لتبرير الحرب العدوانية على العراق. كما اتهمت العريضة الرئيس بوش بتضليل الشعب الأمريكي وأعضاء الكونجرس لحملهم على الاقتناع بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل لجعل الحرب مبررة ضد العراق، واتهمت بوش بأن غزوه للعراق هو انتهاك فاضح لمشروع قرار رقم 114 الصادر عن الكونجرس وبدون إعلان حالة الحرب، وأنه بغزوه لدولة مستقلة ذات سيادة قام بانتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة، وأنه قدم الحصانة من العقوبات القانونية للمجرمين من المتعاقدين الأمنيين في العراق. وقد اعترف الرئيس الأمريكي جورج بوش، بأن: (المعلومات الاستخباراتية التي استند إليها لغزو العراق كانت كاذبة).

إذا كان لي أن أزيد على ما سبق، فهي الإشارة إلى أن الإستراتيجية التي ظل يتبعها الرئيس بوش طيلة السنوات الثماني الماضية كانت فاشلة، وألحقت الضرر الكبير بشعبية أمريكا حول العالم، مما جعل الأمريكيين أقل أمناً في بلادهم، وفي بقية أنحاء العالم. وتآكل المخزون المالي لأمريكا، بسبب سياسات خاطئة ارتكبها بوش. وخرجت عن كل قيم العدل في التعامل مع الدول والشعوب. وفضحت زيف كل الشعارات والمثل التي كانت تتغنى بها، فعرت نفسها أمام العالم سياسياً وعسكرياً وفكرياً، إلا أن هذا الاستعلاء لن يدوم طويلاً، فالشعوب المستضعفة تحييها مثل هذه الممارسات الاستبدادية. وأحسب أننا وصلنا بعد هذا كله، إلى إجابة السؤال الضخم الذي طرحه الرئيس بوش قبل سنوات، (لماذا يكرهوننا)؟



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد