عند بدء ظهورها مارست الجامعات دور نقل المعرفة (التدريس)، أما دورها في إنتاج المعرفة (البحث العلمي) فلم يكن بنفس القدر من الاهتمام، ولتفعيل أدوارها تجاهد الجامعات لتتخلص من قبضة البيروقراطية والمركزية التي تهدد استقلالية قرارها وتفسد حريتها الأكاديمية، مع بقائها خاضعة للمساءلة عن جودة أدائها في ضوء الإمكانات المتاحة لها. شهدت الجامعات عموماً مؤخراً تراجعاً في دورها الثقافي لصالح متطلبات السوق والمتاجرة بسلعة المعرفة وبناء علاقة مهنية مع الشركات الكبيرة، خصوصاً مع تعاظم تيار العولمة وتصاعد هيمنة الاقتصاد المعرفي على برامج التنمية.
هنا بدأت الجامعات تخضع لقوى السوق ومنطقه، ونتج عن ذلك ضعف اهتمام الجامعات بالبحث العلمي الأساسي (Basic Research) بسبب عدم قبول السوق لهذا النوع من البحث.
هنا تذكروا فقط أن نظرية النسبية والكوانتم التي غيرت خارطة العلم والعالم خرجت من دماغ أستاذ جامعي وليس من مختبرات جنرال موتورز.
المطلوب اليوم من الجامعات العربية هو أن تحقق التوازن بين دورها كمنارة أكاديمية ثقافية تشكل هوية وقيم ورؤية الدولة وفقا لمعايير علمية راسخة وطبقا لمستجدات عالمية حديثة ودورها البحثي الذي يحقق متطلبات السوق خدمة لرفاه المجتمع المحلي والإنساني المعاصر وتحسينا لظروفه ووفاء بمتطلباته الحياتية.