القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد حسين - دينا عاشور
أكد علماء ومفكرون وسياسيون أن نجاح مؤتمر حوار الأديان الذي عقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك برعاية المملكة وحضور مليكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يفتح أمام العالم صفحة جديدة للعلاقات بين أتباع الأديان المختلفة صفحة خالية من العنف والتعصب والإرهاب مشددين على ضرورة التزام العالم خصوصاً الدول المشاركة بما جاء في المؤتمر من توصيات ومناقشات للخروج بالبشرية من نفق التعصب المظلم وطالب العلماء والمفكرون باستمرار الجهود الدولية في متابعة توصيات المؤتمر عبر آليات فاعلة وأشاروا إلى أن جهود خادم الحرمين آتت ثمارها حيث اهتم العالم كله بالمؤتمر ووجد المراقبون فيه أملاً في غد أكثر إشراقاً للبشرية بعيداً عن ظلمات التعصب والإرهاب وأشاد العلماء بكلمة الملك عبدالله التي أوضح من خلالها الرؤية الإسلامية العربية المتسامحة مع الآخر خصوصاً قوله إن الأديان نقية بحكم أن كلها منزّلة من الرب عز وجل، الذي يحثنا على التآخي والتآلف وعمل الخير للعاجز والفقير والمحتاج والمريض، وهذه كلها طرق إنسانية.
وقال العلماء إن تأكيد البيان على أهمية نشر ثقافة التسامح والتفاهم على أرضية فهم الآخر والتحاور مع هذا الآخر دون وجود ثقافة إلغاء أو سوء فهم. والدعوة إلى المشاركة في الحوار المؤدي إلى محاربة عدم التسامح ومن ثم اضطهاد الأقليات مع الرفض التام لاستخدام الدين كلغة تبريرية يتم من خلالها قتل الأبرياء باعتبار ذلك مخالفة مباشرة لما تدعو إليه كافة الأديان وذلك من أجل جعل الإنسانية أكثر إخاء وأكثر محبة هذا التأكيد انتصار للقيم الإسلامية والعربية تعد اكليل نجاج للجهود السعودية التي كانت ولا تزال محل احترام العالم لما تحتويه من رؤية حضارية.
وقد أشاد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر بالجهود الكبيرة التي بذلها خادم الحرمين الشريفين لدعم الحوار بين الأديان والثقافات مؤكداً أن جهود الملك عبدالله آتت ثمارها حيث التف العالم على دعوته للتحاور وخرج المؤتمر بتوصيات غاية في الأهمية وأوضح طنطاوي أن جهود خادم الحرمين تعكس إيمانه الكامل بأهمية وقيمة الحوار بين الأديان والثقافات والحضارات المختلفة باعتباره الوسيلة الوحيدة لدعم ونشر السلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم.
وأشاد الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق بنجاح المؤتمر مثمناً الجهود السعودية ومساعي خادم الحرمين الشريفين لعقد مثل هذه المؤتمرات التي تساعد في نشر الرؤية الإسلامية وتوضيح الإسلام للعالم أجمع بعدما حاولت بعض الأقلام في الغرب تشويه صورة الدين السمح وقال واصل إن المؤتمر بالغ الأهمية لكونه جاء في ظل ظروف خاصة يمر بها العالم حالياً تتطلب تكاتف الجميع وتوافقهم.
وأوضح واصل إن كان وسيلة فعالة لدفع الشبهات التي تساق عن الإسلام والمسلمين وإزالة الخلاف وعوامل الفرقة وتحقيق العدالة بين الناس جميعاً ورفع الظلم عن المظلومين، وهو ما يقود إلى تحقيق السلام في كل الدول وتحسين العلاقات فيما بينها مشدداً على ضرورة التزام الدول خصوصاً المشاركة في المؤتمر بما جاء فيه من توصيات خاصة تلك التي تحث على التسامح ونبذ التفرقة والعنصرية.
وقال علي عبدالباقي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إن المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة المؤهلة لعقد هذه المؤتمرات حتى يكون لهذه المؤتمرات تأثير دولي لما للمملكة من إمكانات وسمعة وتأثير دولي واسع النطاق بقيادة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مضيفاً أن هذا المؤتمر الذي يجمع ما يزيد عن 23 دولة ووزراء خارجية ووفود ذات تأثير دولي داخل الأمم المتحدة هذا الأمر الذي لا يقوم به إلا المملكة العربية السعودية والذي غاب طويلاً عن المسلمين، وهو جهد يشكر للمملكة لما ساهمت به في شرح قضية الإسلام ووجهة نظره في الحوار وقبوله للآخر، وأنه اعتنى بغير المسلمين وأعطاهم حقوقهم من 1500 عام، مشيراً إلى أن المسلمين غير منعزلين عن العالم بل لهم إستراتيجية في تحقيق الأمن والسلام والسماحة بين الشعوب وهذه الإستراتيجية قائمة على سماحة الإسلام ورحمته وتعاونه وهذه الإستراتيجية لا يمكن لمسم أن يخالفها، وجاء هذا المؤتمر لشرح هذه المبادئ، وتولت المملكة مهمة التوضيح داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا جهد يحسب للمملكة والقائمين عليها، وندعو لها دائماً بالتوفيق، وضرورة التعاون بين جميع المسلمين لمعاونة المسلمين وغير المسلمين.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر كان فرصة ليستمع المسلمون وغير المسلمين بعضهم لبعض ويدلي كل منهم بدلوه مما يسفر عن نتائج مثمرة دولية تغير نظرة الغرب عن الإسلام.
وأضاف أن توصيات جاءت عن قناعة وثقة واحترام وسواء تم تفعيل وتنفيذ هذه التوصيات من عدمه فيكفي أن رسالتنا وصلت إلى العالم كله.
وقال الشيخ عبدالفتاح علام وكيل الأزهر ورئيس لجنة حوار الأديان إننا نحث على الحوار لأن التحاور مع من تختلف معه مبدأ حضاري حثنا الإسلام عليه، فنحن نتحاور مع الآخرين لنبذ العنف والإرهاب والتعاون معاً للقضاء عليه تماماً، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة هي بيت العائلة الذي استضاف المؤتمر وهذا مفيد لما له من تأثير دولي، فهذا المؤتمر الذي جمع كل الديانات والأفكار السماوية وغير السماوية بمبادرة خادم الحرمين مفيد وضروري لتوضيح نقاط الاتفاق فيما بينهم فتدعو جميع الأديان إلى احترام حقوق الإنسان ونبذ العنف ومحاربة المخدرات واحترام أموال وحرمة الغير، ونقاط الاتفاق هذه وغيرها نسعى إلى تحقيقها من خلال طرحها في تلك المؤتمرات، ولابد من توضيح مفهوم مغلوط عند الناس أن الحوار ليس معناه إقناع الآخر بدينك للدخول به وترك دينه مؤكداً أن الحوار يقوم به أصحاب الديانات وليس الديانات أي لا نناقش أبداً العقيدة، وأوضح أن هذا المؤتمر من شأنه يزيد ثقة الشعوب في بعضها البعض لمشاركة زعماء هذه الشعوب، فعندما يدخل المفهوم الديني بين الشعوب يصبح هناك تعاون وتداخل مثمر بينهم.
وأكد الدكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف المصرية أن المؤتمر أبلغ رد على الذين يتهمون الإسلام بالتطرف والعنصرية والإرهاب موضحاً أن التفاف العالم كله حول دعوة الملك عبدالله ضربة قاصمة لأصحاب صراعات الحضارات الذين يريدون التعاسة للبشرية بدخولها نفق الصراعات اللا متناهية كما يؤكد للعالم كله أننا أصحاب حضارة إنسانية تعلي من قيم الحوار والتسامح والفضيلة أكد عبدالجليل أن الحوار بين الأديان عامل في تعزيز السلام العالمي والإقليمي, لأن فكرة الصراع بين الحضارات مرفوضة ويجب استبدالها بالحوار والتفاهم المتبادل بين جميع البشر، لأن البشرية الآن في حاجة ماسة لتعزيز قيم الوسطية ومحاربة التطرف والتشدد والعنف وأشار عبدالجليل إلى أن اهتمام العالم واتفاقه الذي حدث في المؤتمر يؤكد أن الحوار أصبح من أهم ضرورات الحياة ومن أفضل وسائل التعارف وتبادل المصالح بين البشر مطالباً بخطوات عملية لتنفيذ توصيات المؤتمر.
ومن جهته أكد الدكتور إبراهيم نجم الأستاذ بجامعة الأزهر أن السعودية تكتسب يوماً بعد يوم احترام وتقدير العلماء من كل الدول الإسلامية لسعيها المخلص والدؤوب بالدعوة إلى عقد مثل هذه المؤتمرات ومبادراتها الداعية للحوار بين أتباع الأديان والحضارات.
موضحاً أن الحوار بين أتباع الأديان ليس رفاهية فكرية إنما هو موضوع على جانب كبير من الأهمية، بخاصة في ظل ما يشهده العالم من صراعات تهدّد مستقبل البشرية.
وأشاد الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر السابق بنجاح المؤتمر داعياً إلى تكريس الجهود لتفعيل توصياته الختامية وأفكاره مطالباً الجميع بضرورة الوقوف وراء مبدأ الحوار والاتفاق ونبذ الخلاف مؤكداً أهمية عقد هذا الاجتماع في مثل هذه الظروف وأهمية الدعوة إلى الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأكد السفير هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية أهمية المؤتمر وما تمخض عنه من توصيات وأفكار موضحاً أن رعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر وجهوده المكثفة عبرت للعالم أجمع عن مدى الاهتمام العربي والإسلامي بموضوع الحوار وأن حضور خادم الحرمين أضفى أهمية كبيرة على هذا الحدث الذي سيسهم في دفع الحوار بين أتباع الأديان مشدداً على ضرورة التزام العالم بالتسامح ونبذ الكراهية والتعصب.
كما أشاد السفير محمود راشد مدير إدارة حقوق الإنسان بالجامعة العربية بنجاح المؤتمر وقال لقد كان الاجتماع محل تقدير عربي وإسلامي ودولي كما أنه جسد حرص المملكة بضرورة توضيح الصورة الحقيقية عن الإنسان العربي والمسلم.
وأضاف أن المشاركين في الحوار من المسلمين قادة وعلماء استطاعوا أن يثبتوا للعالم أن الحوار جزء من الثقافة العربية والإسلامية ودعا راشد إلى ضرورة أن يتبع هذا الاجتماع خطوات وجهود أخرى لتنفيذ توصيات الاجتماع.
وقال الشيخ عمر الديب رئيس لجنة حوار الأديان ووكيل الأزهر سابقاً إن الحوار بين الأديان مبدأ ضروري من ضروريات التعايش السلمي والأمن العالمي لأنه هو الوسيلة المثلى للتعارف على الآخرين وخصوصاً في تلك الآونة إلى أن يحاول البعض فيها الربط بين الإسلام والإرهاب حتى أن بعضهم جعل كلمة الإسلام تعني الإرهاب في حين أن الإسلام هو دين السلام والدعوة إلى الإخاء الإنساني، فالناس جميعاً من أصل واحد، وهم أخوة في الإنسانية وعليهم أن يتعاونوا فيما بينهم لما فيه فائدة للإنسانية والنفع على الناس جميعاً، والإسلام يدعو إلى ذلك في قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، ومن هذا المنطلق كانت دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى هذا المؤتمر ومن قبله مؤتمر مدريد، وحرصه على حضور المؤتمر بنفسه ودعا إليه نخبة من قادة العالم العربي والعالم الغربي كما دعا إليه رموز العقائد الدينية وقد كان لهذا المؤتمر وما سبقه أثر كبير في توضيح الصورة الحقيقية للإسلام الذي ينبذ العنف والتطرف كما جاء في كلمة شيخ الأزهر أمام المؤتمرين في الأمم المتحدة مؤكداً في خطابه أن الإسلام يرفض الإرهاب والعنصرية، ولا إجبار لأحد في اعتناق دين أو عقيدة بغير اقتناع لأن الله تعالى قال في القرآن الكريم (لا إكراه في الدين)، لذلك فكل إنسان له مطلق الحرية في اعتناق العقيدة التي يقتنع بها. وأوضح أن هذا المؤتمر ساهم في نشر وتوضيح وشرح هذه القيم السامية التي جاء وينادي بها الإسلام كي يتعايش الناس جميعاً في أمان وسلام.
وأضاف أن حضور رؤساء وزعماء الدول دليل على تطلع الدول إلى القضاء على الإرهاب وعلى التطرف حتى يعيش الناس جميعاً في سلام، مؤكداً أن هذا الحوار من شأنه يساهم في تقوية الروابط بين الشعوب والعلاقات الإنسانية بينهم.
وانتقد الذين يقللون من أهمية المؤتمر وتأثيره قائلاً: إن هؤلاء الذين يتعصبون لمذهب معين أو لدين معين غير منصفين وغير مخلصين لأن هذه المؤتمرات تعود بالنفع على الإنسانية جميعاً ويكون صداها موجه إلى شعوب العالم كله، حيث تؤكد على أن الواجب على الدول المختلفة وعلى الأمم جميعاً أن تتعاون فيما بينها للعيش في سلام ووئام.
وقال الدكتور محمد المختار المهدي عضو مجمع البحوث الإسلامية إن ديننا يأمرنا بالحوار مع الآخرين ويأمرنا بالجدال بالتي هي أحسن مع أهل الكتاب من النصارى واليهود، فمبدأ الحوار موجود في القرآن الكريم، مشيراً إلى أن الأثر من الحوار سيظهر بعد تفعيل التوصيات وتنفيذها بما يعم بالخير على الأمة الإسلامية والعالم كله.
وقال المفكر الإسلامي عبدالفتاح عساكر إن فائدة المؤتمر تظهر في توحيد البشرية على السلام والأمان موضحاً أن الشرائع السماوية كلها تتبع منهجاً ربانياً واحداً، وأشار إلى أن المؤتمر يوثق العلاقات بين الشعوب مشدداً على ضرورة أن تنفذ توصياته حتى يكون مثمراً للبشرية كلها.