وقف صديقي أمام لوحة تشكيلية علقت في معرض ما.
قائلاً أتدري ماذا أرى في هذه اللوحة؟
وقبل أن أجيب قال.. أرجوك أن تسمعني بهدوء وتمنحني الفرصة لأمارس جنوني المحبب الذي أخرج به من عالم العقل المتعب إلى مساحات من الحرية التي لا يمنحها بشر.
قلت له لك ما تريد.. فقال
أرى في اللوحة عتمة تؤنس الوجدان.
ونافذة اطل منها طيف غريب.
دعاني للسير معه إلى مدى فسيح يمتد في الظلام.
أغمضت عيناي مستسلما لهواجس روحي.
مستعيداً كل الذكريات .
في شوارع يلفها صمت عميق.
أشعر تارة أنني أصعد إلى ما لا نهاية.
واخرى باختلال التوازن.
ورعشة في أطراف مخيلة تهوي بي إلى ضوء مغلف بألوان الطيف.
يدفعني للتأمل في صباح مفعم بالندى.
غادره ليل يجر عباءة الأحزان.
وفي زوايا أخرى أرى وجوها تتساقط ملامحها كأوراق الخريف.
وأصوات خطى أقدام مترددة.
تتألم من ملامسة أشواك تحف بها أزهار لا رائحة لها ولا لون
رسم حولها قلوب مطرزة بالأسى وقصائد كتبت بمداد الأحزان
تغفو على آمال وأحلام.
وتصحو وفي محاجرها أسرارٌ.
أسرارٌ... أسرار... أسرار من نور.
وأسرار من نار.
مسكونة بالفوضى.. مسجونة بالانتظار.
توقف صديقي وأضاف..
آآآه ما أروع الحبّ
فقلوبنا خضراء
لا تحتاج إلا لإروائها
وختم حديثة قائلاً
كم أصبحت الابتسامة كالجمر على الشفاه
وكطعم العلقم
***
انتهى صديقي من هلوسته الأكثر جمالاً شعرت بعدها بأنني بالفعل في حاجة لمثل هذه المساحة من الجنون المباح، عدت بعده بأيام لتلك اللوحة فلم أجد فيها إلا بياض شكل لي علامات استفهام.
MONIF@HOT MAIL.COM